- ابو القعقاع الحارثيرائع فوق العادة
- الجنس : عدد المساهمات : 1424
تاريخ التسجيل : 18/04/2009
العمر : 37
الموقع : مدينة حماس - فلسطين "خليل الرحمن"
العمل/الترفيه : محاسب
المزاج : متقلب
مساوئ الأخلاق
السبت 05 ديسمبر 2009, 7:45 pm
إن الأنبياء عليهم السلام جاؤوا بالبيان الكافي، وقابلوا الأمراض بالدواء الشافي، وتوافقوا على منهاج واحد لم يختلف، فأقبل الشيطان يخلّط هذا البيان بالشبهات، وذاك الدواء بالسم، والمنهاج بالضلالاً. وما زال عدو الله يلعب بعقول الناس حتى عبدوا الأصنام من دون الله في البيت الحرام. وقتلوا البنات ومنعوهن الميراث إلى غير ذلك من الضلال الذي سوله لهم إبليس.
فبعث الله تعالى محمداً ليرفع المقابح ويشرّع المصالح، فسار أصحابه معه وبعده في ضوء نوره، سالمين من العدو وغروره. فلما انسلخ نهار وجودهم حلّت الظلمات وكثرت الأهواء والبدع ففرّق الأكثرون دينهم وكانوا شيعاً وأحزاباً. ونهض إبليس يلبّس ويزين لهم حين رآهم في ليل الجهل. ولو كان الناس على علم وبصيرة بدينهم وبعدوّهم ومكايده لافتضح أمره ولنكَص على عقبيه وأُحرق بنور العلم.
ولأجل ذلك رأيت أن أحذر نفسي وإياكم من هذا العدو الدود وأن نعلم مكايده ومصايده التي يصطاد بها بني آدم ليكونوا من أتباعه وأصحاب النار.
إذ أن في تعريف الشر تحذيراً عن الوقوع فيه، ففي الصحيحين من حديث حذيفة قال: كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: والله ما أظن على ظهر الأرض اليوم أحداً أحب إلى الشيطان هلاكاً مني، فقيل له وكيف؟ فقال: والله إنه ليحدث البدعة في مشرق أو مغرب فيحملها الرجل إليّ فإذا انتهت إلي قمعتها بالسنة فترد عليه كما أخرجها.
ولما كان قلب ابن آدم هو وسيلة الشيطان التي بها يستولي على صاحبه وجب عليك أيها العبد أن تجعل قلبك مثل الحصن الرفيع لا يتمكن الشيطان أن يدخله ويملِكه ويستولي عليه. ولا يُقدر على حفظ الحصن الرفيع إلا بحراسة أبوابه ومداخله ولا يقدر على حراسة أبوابه من لا يعرف أبوابه، فحماية القلب عن إفساد الشيطان ضرورة تجب على كل عبد مكلف ولا يقدر الإنسان على دفع الشيطان إلا بمعرفة مداخله فصارت معرفة مداخل الشيطان واجبة.
ومداخل الشيطان وأبوابه هي مكامن الضعف في العبد مثل الغضب والشهوة والطمع والغفلة، وغيرها وهي كثيرة. ولكني أشير إلى أهم وسائله في إغواء الخلق وتسلّطه عليهم بها وجملتها، عشرة وسائل:
· أما الوسيلة الأولى فهي الحسد والحِرص، فمن كانت فيه هاتان الخصلتان عمي وصُمّ، وهما من أعظم مداخل الشيطان أكبر وسائله، فقد روي أن نوحاً عليه السالم لما ركب البحر وحمل في السفينة من كل زوجين اثنين رأى في السفينة شخصاً لم يعرفه فقال له نوح: من أدخلك؟ قال: دخلت لأصيب قلوب أصحابك، فتكون قلوبهم معي وأبدانهم معك، فقال نوح عليه السلام: أخرج يا عدو الله، فإنك رجيم. فقال إبليس: خمس أهلك بهن الناس، وسأحدثك منهن بثلاث ولا أحدثك باثنين. فأوحي إلى نوح إنه لا حاجة لك إلى الثلاث، مره يحدثك بالاثنين، فقال: ما الاثنان؟ فقال: الحرص والحسد، فبالحسد لُعنت وجعلت شيطاناً رجيماً، وذلك حين عصى أمر ربه بالسجود لآدم حسداً من عنده، وبالحرص أصبت حاجتي من آدم، أبيح لآدم الجنة كلها إلا الشجرة التي عرّف، فوسوستُ له حتى أكل منها.
· وأما الوسيلة الثانية لعدو الله: فهي الغضب، فإنها من أعظم المكايد للشيطان، فمهما غضب الإنسان لعب به الشيطان، وروي عن بعض الأنبياء أنه قال لإبليس: بأي شيء تغلب ابن آدم؟ قال: آخذه عند الغضب وعند الهوى.
وظهر إبليس لراهب من الرهبان فقال: أي أخلاق بني آدم أعون لك عليهم؟ فقال: الغضب والحِدّة. إن العبد إذا كان حديداً قلبناه كما تقلب الصبيان الكرة. وقيل لإبليس كيف تقلب ابن آدم؟ فقال: إذا غضب جئت حتى أكون على رأسه. وما أكثر الناس الذين يصرعهم الشيطان ويتخبطهم بسبب الغضب.
· وأما الوسيلة الثالثة فهي حب الشهوات والزينة في الدنيا، فإن الشيطان إذا رأى ذلك غالباً على قلب إنسان باض فيه وفرخ. فلا يزال يدعوه إلى عمارة الدنيا وتزيين سقوفهما وحيطانها وتوسيع البنيان فيها، ويدعوه إلى طول الأمل.
فلا يزال يسوقه من شيء إلى شيء، ويؤمله من أمل إلى آخر إلى أن يتخطّفه الموت وهو لم يصل إلى أمانيه، ومن ذلك يُخشى سوء الخاتمة والعياذ بالله منها.
· وأما الوسيلة الرابعة: فهي الطمع. إذا غلب الطمع على القلب لم يزل الشيطان يُحسّن له التصنع والتذلل لمن يطمع فيه حتى يصير المطموع فيه كأنه معبوده.
فإياكم والطمع فإنه يشرب القلب شدة الحرص ويختم على القلوب بطابع حب الدنيا. وهو مفتاح كل سيئة وسبب إحباط كل حسنة، وذلك هو الغاية في الخسران والهلاك.
· وأما الوسيلة الخامسة: فهي العجلة والتسرع في الأمور، وقد قيل: الأناة من الله والعجلة من الشيطان. وروي أنه لما ولد عيسى عليه السلام أتت الشيطان إبليس فقالوا: أصبحت الأصنام قد نكست رؤوسها فقال: إبليس هذا حادث قد حدث، مكانكم فطار حتى جاء فوجد عيسى عليه السلام قد ولد، وإذا الملائكة قد حفّت حوله، فقال لهم: إن نبيا قد ولد البارحة، ما حملت أنثى قط ولا وضعت إلا وأنا بحضرتها إلا هذا فاستيئسوا من عبادة الأصنام بعد هذه الليلة. ولكن ائتوا بني آدم من قبل الخفة والعجلة.
· وأما الوسيلة السادسة من وسائل عدوا الله إبليس فهي الفتنة بالدراهم والدنانير، وسائر أصناف الأموال التي تكون زائدة على قدر الحاجة فهي مستقر الشيطان.
وروي أن الرسول لما بعث قال إبليس لشياطينه: لقد حدث أمر فانظروا ما هو؟ فانطلقوا ثم جاؤوا وقالوا: ما ندري قال إبليس: أنا آتيكم بالخبر. فذهب فجاءهم قال: قد بعث محمد، قال: فجعل يرسل شياطينه إلى أصحاب رسول الله فينصرفون خائبين فيقولون: ما صحبنا قوما قط مثل هؤلاء، نصيب منهم ثم يقومون للصلاة فيمحون ذلك، فقال إبليس: رويداً بهم عسى الله أن يفتح لهم الدنيا فهناك تصيبون حاجتكم منهم.
ولأجل ذلك قال عليه الصلاة والسلام: ((ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط لكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم)).
· وأما الوسيلة السابعة: البخل وخوف الفقر، فإن البخل هو أصلٌ لكل شر، حمل الناس على أن سفكوا دماءهم واستباحوا أعراضهم، روي عن إبليس لعنه الله أنه قال: ما غلبني ابن آدم فلن يغلبني في ثلاث: آمره أن يأخذ المال من غير حقه، وينفقه في غير حقه، ويمنعه من مستحقه.
وقال سفيان الثوري رحمه الله: ليس للشيطان سلاح على الإنسان مثل خوف الفقر، فإذا قَبل ذلك منه أخذ في الباطل ومنع من الحق، وظن بربه السوء، وهو من أعظم الآفات على الدين.
وما استجاب كثير من الناس لفكرة اليهود في تحديد النسل وتقليل الأولاد إلا لأنهم أدخلوا عليهم شبهة الخوف من الفقر.
· وأما الوسيلة الثامنة: سوء الظن بالمسلمين وقد قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم فمن حكم بشيء على غيره بالظن فإن الشيطان يبعثه على أن يطوّل فيه اللسان بالغيبة، فيهلك أو يقصر في القيام بحقوقه أو ينظر فيه بعين الاحتقار أو يرى نفسه خيراً منه، وكل ذلك من المهلكات، فمهما رأيت إنساناً يسيء الظن بالناس طالباً لعيوبهم فاعلم أن في نفسه خبثاً إذ أن المؤمن يطلب لأخيه المعاذير، والمنافق يطلب العيوب للخلق ويتتبعها .
· وأما الوسيلة التاسعة: فهي الشبع والإسراف في المأكل الفاخرة فإن الشبع يقوي الشهوات التي هي أسلحة الشيطان التي بها يصول، وقد قيل: البطنة تذهب الفطنة، وربما شبع الإنسان فتثاقل عن الصلاة وعن الذكر.
· وأما الوسيلة العاشرة: فهي الجهل بما تقدم من الوسائل، فإذا جهل الإنسان عدوّه ولم يسدّ عليه أبوابه دخل عليه فاستولى على قلبه وأهلكه ولابد .
فهذه أهم وسائل الشيطان ومداخله إلى قلب الإنسان، وبالجملة فليس في ابن آدم صفة مذمومة إلا وهي سلاح للشيطان ومنفذه لإغوائه وتضليله.
ثم لابد أن تعلم أن علاج هذه الأمور وإزالتها إنما تكون بدعاء الله تعالى والالتجاء إليه في دفعها، فلا يدفعها عنك إلا هو سبحانه، وخير معين على ذلك أن تتعوذ بالله من الشيطان وشره ووسوسته.
ثم بعد الدعاء عليك أن تجتهد في قلع الصفات المذمومة من قلبك، فإن الشيطان مثل الكلب في التسلط على الإنسان، فإذا كان الإنسان متصفاً بهذه الصفات الذميمة من الغضب والحسد والطمع والحرص وغيرها كان بمنزلة من يكون بين يديه لحم، فإن الكلب لاشك سيصول عليه ولا يندفع عنه إلا بمشقة شديدة.
فاجتهدوا في إزالة الغضب بالحلم والرضى، والكبر بالتواضع، والحسد بمعرفة حق المحسود. واعلموا أن الذي اختصّ به فضل من الله فلا يمكن دفعه. وادفع الطمع بالاكتفاء بما أعطاك الله عز وجل، والحرص على الدنيا بتذكر المتوت والدار الآخرة، والشهوة المحرمة بالصبر والصيام وتذكر عذاب الله تعالى، والبخل بالإنفاق على نفسك وأهلك ثم الصدقة والإحسان لغيرك، والجهل بالحرص على التعلم والتفقه في الدين والاجتهاد في ذلك.
- *الأعصار الصامت*المدير العام
- الجنس : عدد المساهمات : 4286
تاريخ التسجيل : 14/02/2009
العمر : 46
الموقع : سمو المشاعر الايمانية اللايت سي..الشبكة الاسلامية
العمل/الترفيه : في مجال البناء
المزاج : حازم
تعاليق : ظَمَأُ الكَواسِرِ ِ يًروِيهِ دَمٌ...يرَاقُ من ذَلِيلِ قُطعَان ِ...
وَتَأنَفُ السِّباعُ أَكلَ جِيَف ٍ....تُلقَى بِدَربٍ بعد نُحرانِ ِ..
وَتَرفَعُ تَحِيَّةً وهي تُمَزِّقُ...مَن خَاضَ الغِمارَ كَشُجعَان ِ..
فَالأُسدُ شِيمَتُهَا رِفعَة ً تُتَوِّجُهَا...رُسُوخُ الهَام ِ بِمَيدَان ِ..
رد: مساوئ الأخلاق
السبت 05 ديسمبر 2009, 8:04 pm
اللهم اعذنا من الشقاق وسوء الاخلاق والنفاق
اللهم امين
جزاك الله اخي ابو القعقاع الجنة وحورها ونعيمها
الاعصار الصامت
اللهم امين
جزاك الله اخي ابو القعقاع الجنة وحورها ونعيمها
الاعصار الصامت
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى