شبكة ومنتديات الفردوس الأعلى الجهادية
يسعدنا اخي الزائر واختي الزائرة ان تسجل معنا وتشاركنا في قلمك وافكارك وابداعاتك

اهلا بكم جميعا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شبكة ومنتديات الفردوس الأعلى الجهادية
يسعدنا اخي الزائر واختي الزائرة ان تسجل معنا وتشاركنا في قلمك وافكارك وابداعاتك

اهلا بكم جميعا
شبكة ومنتديات الفردوس الأعلى الجهادية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
التخلص من وساوس وهلاوس الشيطانالسبت 12 ديسمبر 2015, 3:10 amدمعة حزينة
هل يجوز ضرب الأطفال للتهذيبالسبت 21 نوفمبر 2015, 2:22 amدمعة حزينة
الأخلاق الحسنة سبب كل فتح وكل تكريمالأربعاء 02 سبتمبر 2015, 8:35 amدمعة حزينة
محمد صلى الله عليه وسلم صانع الرجالالجمعة 14 أغسطس 2015, 6:15 pmدمعة حزينة
هل الأنبياء فى قبورهم أحياء أم أنهم فى السماءالجمعة 14 أغسطس 2015, 6:13 pmدمعة حزينة
من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام لهالخميس 18 يونيو 2015, 9:03 amدمعة حزينة
صلاة التسابيح ورأى الشيخ الألبانى فيهاالأربعاء 03 يونيو 2015, 9:28 pmدمعة حزينة
تجليات المعراجالأحد 03 مايو 2015, 12:19 amدمعة حزينة
إعجاز رحلة الإسراء والمعراج لأهل هذا الزمانالخميس 23 أبريل 2015, 10:33 pmدمعة حزينة
أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناسالأربعاء 08 أبريل 2015, 9:50 pmدمعة حزينة
الى الاقصى بقلب موجوع...الأحد 18 يناير 2015, 9:59 am*الأعصار الصامت*
كَبِّر عليهم أربعاً..(أهل الارجاء)الأحد 18 يناير 2015, 9:57 am*الأعصار الصامت*
شؤون استراتيجية : هل "دولة العراق الإسلامية" مخترقة؟الجمعة 31 أكتوبر 2014, 1:54 amصقر الامجاد
تغريداتالجمعة 05 سبتمبر 2014, 9:11 pm*سلسبيلا*
التفجير عبر الهاتف النقالالخميس 21 أغسطس 2014, 2:54 amصقر الامجاد
بعض صور مدن فلسطينالسبت 02 أغسطس 2014, 4:37 pm*سلسبيلا*
وثائق سريه الجزيره تكشفها تنازل السلطه عن القدسالثلاثاء 29 يوليو 2014, 6:38 am*سلسبيلا*
كشف المستور خرائط لتنازل السلطة بشأن الاستيطانالثلاثاء 29 يوليو 2014, 6:31 am*سلسبيلا*
الاستعاذة عند القراءة من أول سورة براءةالأربعاء 16 يوليو 2014, 3:09 pm*سلسبيلا*
معلومه علاقة نمص الحاجب ؛؛ بسرطانالأربعاء 16 يوليو 2014, 4:23 am*سلسبيلا*
صفات الحروف الدرس العاشر في دورة التجويدالإثنين 14 يوليو 2014, 5:18 pm*سلسبيلا*
دروس احكام التجويدالثلاثاء 08 يوليو 2014, 4:36 pm*سلسبيلا*
تتنبيه تنبيهالخميس 03 يوليو 2014, 11:41 pm*سلسبيلا*
اعمال ثوابها يعدل قيام اليلالخميس 03 يوليو 2014, 4:19 pm*سلسبيلا*
هل قسا قلبك؟؟ ..فتعال إذاً هنا نبك معاً الخميس 03 يوليو 2014, 4:16 pm*سلسبيلا*
تدفق ال RSS

Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط شَبكِة وَمُنتَدَيَات الفِردَوس ِ الأَعلى..غُرفة سُمُوّ ِ المَشَاعِر الأِيمَانِيَّة على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط شبكة ومنتديات الفردوس الأعلى الجهادية على موقع حفض الصفحات
بحـث
نتائج البحث
بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية

الفرق  بالجهل  الدين  

برامج ننصح بها
برامج ننصح بها
microsoft office winrar 3.90
c cleaner mozilla firefox
total commander video convertor windows xp sp3
برامج تهمك




















أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
5699 المساهمات
4286 المساهمات
3368 المساهمات
1451 المساهمات
1261 المساهمات
847 المساهمات
795 المساهمات
670 المساهمات
642 المساهمات

اذهب الى الأسفل
عز الدين
عز الدين
رائع فوق العادة
رائع فوق العادة
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 670
تاريخ التسجيل : 01/03/2011
العمر : 49
العمل/الترفيه العمل/الترفيه : بحري قديم
المزاج المزاج : يا من لجرح كلما سكنته ** لكأ الحشى بمواجع ومآسي // لو انه في الرأس كنت ضمدته ** لكنه في القلب لا في الرأسِ

شروط الصلح بين المسلمين-ابن القيم Empty شروط الصلح بين المسلمين-ابن القيم

الأربعاء 06 يوليو 2011, 5:12 am

شروط الصلح بين المسلمين
وقوله: "والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا" هذا مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه الترمذي وغيره من حديث عمرو بن عوف المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما" والمسلمون على شرطهم إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما قال الترمذي هذا حديث صحيح وقد ندب الله سبحانه وتعالى إلى الصلح بين الطائفتين في الدماء فقال: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما" وندب الزوجين إلى الصلح عند التنازع في حقوقهما فقال {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} وقال تعالى {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} وأصلح النبي صلى الله عليه وسلم بين بني عمرو بن عوف لما وقع بينهم ولما تنازع كعب ابن مالك وابن أبي حدرد في دين على ابن أبي حدرد أصلح النبي صلى الله عليه وسلم بأن استوضع من دين كعب الشطر وغريمه بقضاء الشطر وقال لرجلين اختصما عنده: "اذهبا فاقتسما ثم توخيا الحق ثم استهما ثم ليحلل كل

منكما صاحبه" وقال: "من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم وإن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" وجوز في دم العمد أن يأخذ أولياء القتيل ما صولحوا عليه ولما استشهد عبد الله ابن حرام الأنصاري والد جابر وكان عليه دين سأل النبي صلى الله عليه وسلم غرماءه أن يقبلوا ثمر حائطه ويحللوا أباه وقال عطاء عن ابن عباس: "أنه كان لا يرى بأسا بالمخارجة" يعني الصلح في الميراث وسميت المخارجة لأن الوارث يعطي ما يصالح عليه ويخرج نفسه من الميراث وصولحت امرأة عبد الرحمن ابن عوف من نصيبها من ربع الثمن على ثمانين ألفا وقد روى مسعر عن أزهر عن محارب قال: قال عمر: "ردوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يحدث بين القوم الضغائن" وقال عمر أيضا: "ردوا الخصوم لعلهم أن يصطلحوا فإنه آثر للصدق وأقل للخيانة" وقال عمر أيضا: "ردوا الخصوم إذا كانت بينهم قرابة فإن فصل القضاء يورث بينهم الشنآن".
فصل: الحقوق نوعان
والحقوق نوعان: حق الله وحق الآدمي فحق الله لا مدخل للصلح فيه كالحدود والزكوات والكفارات ونحوها وإنما الصلح بين العبد وبين ربه في إقامتها لا في إهمالها ولهذا لا يقبل بالحدود وإذا بلغت السلطان فلعن الله الشافع والمشفع.
وأما حقوق الآدميين فهي التي تقبل الصلح والإسقاط والمعاوضة عليها والصلح العادل هو الذي أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم كما قال: "فأصلحوا بينهما بالعدل" والصلح الجائر هو الظلم بعينه وكثير من الناس لا يعتمد العدل في الصلح بل يصلح صلحا ظالما جائرا فيصالح بين الغريمين على دون الطفيف

من حق أحدهما والنبي صلى الله عليه وسلم صالح بين كعب وغريمه وصالح أعدل الصلح فأمره أن يأخذ الشطر ويدع الشطر وكذلك لما عزم على طلاق سودة رضيت بأن تهب له ليلتها وتبقي على حقها من النفقة والكسوة فهذا أعدل الصلح فإن الله سبحانه أباح للرجل أن يطلق زوجته ويستبدل بها غيرها فإذا رضيت بترك بعض حقها وأخذ بعضه وأن يمسكها كان هذا من الصلح العادل وكذلك أرشد الخصمين اللذين كانت بينهما المواريث بأن يتوخيا الحق بحسب الإمكان ثم يحلل كل منهما صاحبه وقد أمر الله سبحانه بالإصلاح بين الطائفتين المقتتلتين أولا فإن بغت إحداهما على الأخرى فحينئذ أمر بقتال الباغية لا بالصلح فإنها ظالمة ففي الإصلاح مع ظلمها هضم لحق الطائفة المظلومة وكثير من الظلمة المصلحين يصلح بين القادر الظالم والخصم الضعيف المظلوم بما يرضى به القادر صاحب الجاه ويكون له فيه الحظ ويكون الإغماض والحيف فيه على الضعيف ويظن أنه قد أصلح ولا يمكن المظلوم من أخذ حقه وهذا ظلم بل يكمن المظلوم من استيفاء حقه ثم يطلب إليه برضاه أن يترك بعض حقه يغير محاباة لصاحب الجاه ولا يشتبه بالإكراه للآخر بالمحاباة ونحوها.
فصل: الصلح نوعان
والصلح الذي يحل الحرام ويحرم الحلال كالصلح الذي يتضمن تحريم بضع حلال أو إحلال بضع حرام أو إرقاق حر أو نقل نسب أو ولاء عن محل إلى محل أو أكل ربا أو إسقاط واجب أو تعطيل حد أو ظلم ثالث وما أشبه ذلك فكل هذا صلح جائر مردود.
فالصلح الجائز بين المسلمين هو الذي يعتمد فيه رضى الله سبحانه ورضى الخصمين فهذا أعدل الصلح وأحقه وهو يعتمد العلم والعدل فيكون المصلح عالما بالوقائع عارفا بالواجب قاصدا للعدل فدرجة هذا أفضل من درجة

الصائم القائم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئنكم بأفضل من درجة الصائم القائم قالوا: بلى يا رسول الله قال: إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين الحالقة أما إني أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين" وقد جاء في أثر أصلحوا بين الناس فإن الله يصلح بين المؤمنين يوم القيامة وقد قال تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
فصل: سلطة القاضي في تأجيل الحكم
وقوله: "من ادعى حقا غائبا أو بينة فاضرب له أمدا ينتهي إليه" هذا من تمام العدل فإن المدعي قد تكون حجته أو بينته غائبة فلو عجل عليه بالحكم بطل حقه فإذا سأل أمدا تحضر فيه حجته أجيب إليه ولا يتقيد ذلك بثلاثة أيام بل بحسب الحاجة فإن ظهر عناده ومدافعته للحاكم لم يضرب له أمدا بل يفصل الحكومة فإن ضرب هذا الأمد إنما كان لتمام العدل فإذا كان فيه إبطال للعدل لم يجب إليه الخصم.
الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل:
وقوله: "ولا يمنعنك قضاء قضيت به اليوم فراجعت فيه رأيك وهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق فإن الحق قديم ولا يبطله شيء ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل" يريد إذا اجتهدت في حكومة ثم وقعت لك مرة أخرى فلا يمنعك الاجتهاد الأول من إعادته فإن الاجتهاد قد يتغير ولا يكون الاجتهاد الاول مانعا من العمل بالثاني إذا ظهر أنه الحق فإن الحق أولى بالإيثار لأنه قديم ساق على الباطل فإن كان الاجتهاد الأول قد سبق الثاني والثاني هو الحق فهو أسبق من الاجتهاد الأول لأنه قديم سابق على ما سواه ولا بيطله وقوع الاجتهاد الأول على خلانه بل الرجوع إليه أولى من التمادي على الاجتهاد الأول.

قال عبد الرزاق: حدثنا معمر عن سماك بن الفضل عن وهب بن منبه عن الحكم بن مسعود القفي قال: "قضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في امرأة توفيت وتركت زوجها وأمها وأخويها لأبيها وأمها وأخويها لأمها فأشرك عمر بين الإخوة للأم والأب والإخوة للأم في الثلث فقال له رجل: إنك لم تشرك بينهم عام كذا وكذا قال عمر: "تلك ما قضينا يومئذ وهذه على ما قضينا اليوم" فأخذ أمير المؤمنين في كلا الاجتهادين بما ظهر له أنه الحق ولم يمنعه القضاء الأول من الرجوع إلى الثاني ولم ينقض الأول بالثاني فجرى أئمة الإسلام بعده على هذين الأصلين.
متى ترد شهادة المسلم:
قوله: "والمسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجربا عليه شهادة زور أو مجلودا في حد أو ظنينا في ولاء أو قرابة" لما جعل الله سبحانه هذه الأمة أمة وسطا ليكون شهداء على الناس والوسط العدل الخيار كانوا عدولا بعضهم على بعض إلا من قام به مانع الشهادة وهو أن يكون قد جرب عليه شهادة الزور فلا يوثق بعد ذلك بشهادته أو من جلد في حد لأن الله سبحانه نهى عن قبول شهادته أو متهم بأن يجر إلى نفسه نفعا من المشهود له كشهادة السيد لعتيقه بمال أو شهادة العتيق لسيده إذا كان في عياله أو منقطعا إليه يناله نفعه وكذلك شهادة القريب لقريبه لا تقبل مع التهمة وتقبل بدونها هذا هو الصحيح.
الاختلاف في شهادة الأقارب:
وقد اختلف الفقهاء في ذلك: فمنهم من جوز شهادة القريب لقريبه مطلقا كالأجنبي ولم يجعل القرابة مانعة من الشهادة بحال كما يقوله أبو محمد بن حزم وغيره من أهل الظاهر وهؤلاء يحتجون بالعمومات التي لا تفرق بين أجنبي وقريب وهؤلاء أسعد بالعمومات ومنعت طائفة شهادة الأصول للفروع والفروع للأصول خاصة وجوزت شهادة سائر الأقارب بعضهم لبعض وهذا مذهب الشافعي وأحمد وليس مع هؤلاء نص صريح صحيح بالمنع.

واحتج الشافعي بأنه لو قبلت شهادة الأب لابنه لكانت شهادة منه لنفسه لأنه منه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها" قالوا: "وكذلك بنو البنات فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحسن: "إن ابني هذا سيد" قال الشافعي: "فإذا شهد له فإنما يشهد لشيء منه" قال: وبنوه هم منه فكأنه شهد لبعضه قالوا: "والشهادة ترد بالتهمة والوالد متهم في ولده فهو ظنين في قرابته" قالوا: "وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأولاد: "إنكم لتبخلون وتجبنون وإنكم لمن ريحان الله" وفي أثر آخر: "الولد مبخلة مجبنة" قالوا: وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك" فإذا كان مال الابن لأبيه فإذا شهد له الأب بمال كان قد شهد به لنفسه قالوا: وقد قال أبو عبيد: ثنا جرير عن معاوية عن يزيد الجزري قال: أحسبه يزيد بن سنان قال الزهري: عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ظنين في ولاء أو قرابة أو مجلود" قالوا: ولأن بينهما من البعضية والجزئية ما يمنع قبول الشهادة كما منع من إعطائه من الزكاة ومن قتله بالولد وحده بقذفه قالوا ولهذا لا يثبت له في ذمته دين عند جماعة من أهل العلم ولا يطالب به ولا يحبس من أجله قالوا: وقد قال تعالى {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ} ولم يذكر بيوت الأبناء لأنها داخلة في بيوتهم أنفسهم فاكتفى بذكرها دونها وإلا فبيوتهم أقرب من بيوت من ذكر في الآية قالوا: وقد قال تعالى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً} أي ولدا فالولد جزء فلا تقبل شهادة الرجل في جزئه.
قالوا: وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه" فكيف يشهد الرجل لكسبه؟ قالوا والإنسان متهم

في ولده مفتون به كما قال تعالى {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} فكيف تقبل شهادة المرء لمن قد جعل مفتونا به والفتنة محل التهمة.
فصل
قال الآخرون: قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُون} وقال تعالى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ} وقد قال تعالى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وقد قال تعالى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} ولا ريب في دخول الآباء والأبناء والأقارب في هذا اللفظ كدخول الأجانب وتناولها للجميع بتناول واحد هذا مما لا يمكن دفعه ولم يستثن الله سبحانه ولا رسوله من ذلك أبا ولا ولدا ولا أخا ولا قرابة ولا أجمع المسلمون على استثناء أحد من هؤلاء فتلزم الحجة بإجماعهم.
وقد ذكر عبد الرزاق عن أبي بكر بن أبي سبرة عن أبي الزناد عن عبد الله ابن عامر بن ربيعة قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "تجوز شهادة الوالد لولده والولد لوالده والأخ لأخيه" وعن عمرو بن سليم الزرقي عن سعيد بن المسيب مثل هذا.
وقال ابن وهب: ثنا يونس عن الزهري قال: "لم يكن يتهم سلف المسلمين الصالح في شهادة الوالد لولده ولا الوالد لوالده ولا الأخ لأخيه ولا الزوج لامرأته ثم دخل الناس بعد ذلك فظهرت منهم أمور حملت الولاة على اتهامهم فتركت شهادة من يتهم إذا كانت من قرابة وصار ذلك من الولد والوالد والأخ والزوج والمرأة لم يتهم إلا هؤلاء في آخر الزمان".
وقال أبو عبيد حدثني الحسن بن عازب عن جده شبيب بن غرقدة قال:

"كنت جالس عند شريح فأتاه علي بن كاهل وامرأة وخصم فشهد لها علي ابن كاهل وهو زوجها وشهد لها أبوها فأجاز شريح شهادتهما فقال الخصم: هذا أبوها وهذا زوجها فقال له شريح: أتعلم شيئا تجرح به شهادتهما؟ كل مسلم شهادته جائزة".
وقال عبد الرزاق: ثنا سفيان بن عيينة عن شبيب بن غرقدة قال: "سمعت شريحا أجاز لامرأة شهادة أبيها وزجها فقال له الرجل: إنه أبوها وزوجها قال شريح: فمن يشهد للمرأة إلا أبوها وزوجها؟!.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا شبابة عن ابن أبي ذئب عن سليمان قال: "شهدت لأمي عند أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فقضى بشهادتي".
وقال عبد الرزاق: ثنا معمر عن عبد الرحمن بن عبد الله الأنصاري قال: "أجاز عمر بن عبد العزيز شهادة الابن لأبيه إذا كان عدلا".
قالوا: فهؤلاء عمر بن الخطاب وجميع السلف وشريح وعمر بن عبد العزيز وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يجيزون شهادة الابن لأبيه والأب لابنه قال ابن حزم: وبهذا يقول إياس بن معاوية وعثمان البتي وإسحاق بن راهويه وأبو ثور والمزني وأبو سليمان وجميع أصحابنا يعني داود بن علي وأصحابه.
وقد ذكر الزهري أن الذين ردوا شهادة الابن لأبيه والأخ لأخيه هم المتأخرون وأن السلف الصالح لم يكونا يردونها.
قالوا: وأما حجتكم على المنع فمدارها على شيئين:
أحدهما: البعضية التي بين الأب وابنه وأنها توجب أن تكون شهادة أحدهما للآخر شهادة لنفسه وهذه حجة ضعيفة فإن هذه البعضية لا توجب أن تكون كبعضه في الأحكام لا في أحكام الدنيا ولا في أحكام الثواب والعقاب فلا يلزم من وجوب شيء على أحدهما أو تحريمه وجوبه على الآخر وتحريمه من جهة كونه بعضه ولا من وجوب الحد على أحدهما وجوبه على

الآخر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يجني والد على ولده" فلا يجني عليه ولا يعاقب بذنبه ولا يثاب بحسناته ولا يجب عليه الزكاة ولا الحج بغنى الآخر ثم قد أجمع الناس على صحة بيعه منه وإجارته ومضاربته ومشاركته فلو امتنعت شهادته له لكونه جزءه فيكون شاهدا لنفسه لامتنعت هذه العقود إذ يكون عاقدا لها مع نفسه.
فإن قلتم: هو متهم بشهادته له بخلاف هذه العقود فإنه لا يتهم فيها معه.
قيل: هذا عود منكم إلى المأخذ الثاني وهو مأخذ التهمة فيقال: التهمة وحدها مستقلة بالمنع سواء كان قريبا أو أجنبيا ولا ريب أن تهمة الإنسان في صديقه وعشيره ومن يعينه مودته ومحبته أعظم من تهمته في أبيه وابنه والواقع شاهد بذلك وكثير من الناس يحابي صديقه وعشيره وذا وده أعظم مما يحابي أباه وابنه.
فإن قلتم: الاعتبار بالمظنة وهي التي تنضبط بخلاف الحكمة فإنها لانتشارها وعدم انضباطها لا يمكن التعليل بها.
قيل: هذا صحيح في الأوصاف التى شهد لها الشرع بالاعتبار وعلق بها الأحكام دون م مظانها فأين علق الشارع عدم قبول الشهادة بوصف الأبوة أو النبوة أو الأخوة؟ والتابعون إنما نظروا إلى التهمة فهي الوصف المؤثر في الحكم فيجب تعليق الحكم به وجودا وعدما ولا تأثير لخصوص القرابة ولا عمومها بل قد توجد القرابة حيث لا تهمة وتوجد التهمة حيث لا قرابة والشارع إنما علق قبول الشهادة بالعدالة وكون الشاهد مرضيا وعلق عدم قبولها بالفسق ولم يعلق القبول والرد بأجنبية ولا قرابة.
قالوا: وأما قولكم: "إنه غير متهم معه في تلك العقود" فليس كذلك بل هو متهم معه في المحاباة ومع ذلك فلا يوجب ذلك إبطالها ولهذا لو باعه في

مرض موته ولم يحابه لم يبطل البيع ولو حاباه بطل في قدر المحاباة فعلق البطلان بالتهمة لا بمظنته.
قالوا: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك" فلا يمنع شهادة الابن لأبيه فإن الأب ليس هو ماله لابنه ولا يدل الحديث على عدم قبول شهادة أحدهما للآخر والذي دل عليه الحديث أكثر منازعينا لا يقولون به بل عندهم أن مال الابن له حقيقة وحكما وأن الأب لا يتملك عليه منه شيئا والذي لم يدل عليه الحديث حملتوه إياه والذي دل عليه لم تقولوا به ونحن نتلقى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها بالقبول والتسليم ونستعملها في وجوهها ولم دل قوله: "أنت ومالك لأبيك" على أن لا تقبل شهادة الولد لوالده ولا الوالد لولده لكنا أول ذاهب إلى ذلك ولما سبقتمونا إليه فأين موضع الدلالة واللام في الحديث ليست للملك قطعا وأكثرهم يقول ولا للإباحة إذ لا يباح مال الابن لأبيه ولهذا فرق بعض السلف فقال: تقبل شهادة الابن لأبيه ولا تقبل شهادة الأب لابنه وهو إحدى الروايتين عن الحسن والشعبي ونص عليه أحمد في رواية عنه ومن يقول هي للإباحة أسعد بالحديث وإلا تعطلت فائدته ودلالته ولا يلزم من إباحة أخذه ما شاء من ماله أن لا تقبل شهادته له بحال مع القطع أو ظهور انتفاء التهمة كما لو شهد له بنكاح أو حد أو مالا تلحقه به تهمة.
قالوا: وأما كونه لا يعطى من زكاته ولا يقاد به ولا يحد به ولا يثبت له في ذمته دين ولا يحبس به فالاستدلال إنما يكون بما ثبت بنص أو إجماع وليس معكم شيء من ذلك فهذه مسائل نزاع لا مسائل إجماع ولو سلم ثبوت الحكم فيها أو في بعضها لم يلزم منه عدم قبول شهادة أحدهما للآخر حيث تنتفي التهمة ولا تلازم بين قبول الشهادة وجريان القصاص وثبوت الدين له في ذمته لا عقلا ولا شرعا فإن تلك الأحكام اقتضتها الأبوة التي تمنع من مساواته

للأجنبي في حده وإقادته معه وحبسه بدينه فإن منصب أبوته يأبى ذلك وقبحه مركوز في فطر الناس وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوه قبيح فهو عند الله قبيح وأما الشهادة فهي خبر يعتمد الصدق والعدالة فإذا كان المخبر به صادقا مبرزا في العدالة غير متهم في الأخبار فليس قبول قوله قبيحا عند المسلمين ولا تأتي الشريعة برد خبر المخبر به واتهامه.
قالوا: والشريعة مبناها على تصديق الصادق وقبول خبره وتكذيب الكاذب والتوقف في خبر الفاسق المتهم فهي لا ترد حقا ولا تقبل باطلا.
قالوا: وأما حديث عائشة فلو ثبت لم يكن فيه دليل فإنه إنما يدل على عدم قبول شهادة المتهم في قرابته أو ذي ولاية ونحن لا نقبل شهادته إذا ظهرت تهمته ثم منازعونا لا يقولون بالحديث فإنهم لا يردون شهادة كل قرابة والحديث ليس فيه تخصيص لقرابة الإيلاد بالمنع وإنما فيه تعليق المنع بتهمة القرابة فألغيتم وصف التهمة وخصصتم وصف القرابة بفرد منها فكنا نحن أسعد بالحديث منكم وبالله التوفيق.
وقد قال محمد بن الحكم: إن أصحاب مالك يجيزون شهادة الأب والابن والأخ والزوج والزوجة على أنه وكل فلانا ولا يجيزون شهادتهم أن فلانا وكله لأن الذي يوكل لا يتهمان عليه في شيء.
وأما شهادة الأخ لأخيه فالجمهور يجيزونها وهو الذي في التهذيب من رواية ابن القاسم عن مالك إلا أن يكون في عياله وقال بعض المالكية: "لا تجوز إلا على شرط" ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم: "هو أن يكون مبرزا في العدالة" وقال بعضهم: "إذا لم تنله صلته" وقال أشهب: "تجوز في اليسير دون الكثير فإن كان مبرزا جاز في الكثير" وقال بعضهم: "تقبل مطلقا إلا فيما تصح فيه التهمة مثل أن يشهد له بما يكسب به الشاهد شرفا وجاها".

والصحيح أنه تقبل شهادة الابن لأبيه والاب لبنه فيما لا تهمة فيه ونص عليه أحمد فعنه في المسألة ثلاث روايات المنع والقبول فيما لا تهمة فيه والتفريق بين شهادة الابن لأبيه فتقبل وشهادة الأب لابنه فلا تقبل واختار ابن المنذر القبول كالأجنبي.
وأما شهادة أحدهما على الآخر فنص الإمام أحمد على قبولها وقد دل عليه القرآن في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ}.
وقد حكى بعض أصحاب محمد عنه رواية ثانية أنها لا تقبل قال صاحب المغني ولم أجد في الجامع يعني جامع الخلال خلافا عن أحمد أنها تقبل وقال بعض الشافعية: "لا تقبل شهادة الابن على أبيه في قصاص ولا حد قذف" قال: "لأنه لا يقتل بقتله ولا يحد بقذفه وهذا قياس ضعيف جدا فإن الحد والقتل في صورة المنع لكون المستحق هو الابن وهنا المستحق أجنبي".
ومما يدل على أن احتمال التهمة بين الولد ووالده لا يمنع قبول الشهادة أن شهادة الوارث لمورثه جائزة بالمال وغيره ومعلوم أن تطرق التهمة إليه مثل تطرقها إلى الولد والوالد وكذلك شهادة الابنين على أبيهما بطلاق ضرة أمهما جائزة مع أنها شهادة للأم ويتوفر حظها من الميراث ويخلو لها وجه الزوج ولم ترد هذه الشهادة باحتمال التهمة فشهادة الولد لوالده وعكسه بحيث لا تهمة هناك أولى بالقبول وهذا هو القبول الذي ندين الله به وبالله التوفيق.
فصل
شهادة الزور
وقوله: "إلا مجربا عليه شهادة الزور" يدل على أن المرة الواحدة من شهادة الزور تستقل برد الشهادة وقد قرن الله سبحانه في كتابه بين الإشراك وقول

الزور قال تعالى {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} وفي الصحيحين أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: الشرك بالله ثم عقوق الوالدين وكان متكئا فجلس ثم قال: ألا وقول الزور ألا وقول الزور فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت" وفي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وقول الزور".
الكذب كبيرة:
ولا خلاف بين المسلمين أن شهادة الزور من الكبائر واختلف الفقهاء في الكذب في غير الشهادة هل هو من الصغائر أو من الكبائر على قولين هما روايتان عن الإمام أحمد حكاهما أبو الحسين في تمامه واحتج من جعله من الكبائر بأن الله سبحانه جعله في كتابه من صفات شر البرية وهم الكفار والمنافقون فلم يصف به إلا كافرا أو منافقا وجعله علم أهل النار وشعارهم وجعل الصدق علم أهل الجنة وشعارهم.
وفي الصحيح من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا" وفي الصحيحين مرفوعا: "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان" وقال معمر عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما كان خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب ولقد كان الرجل يكذب عنده الكذبة فما تزال في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة" وقال مروان الطاطري: ثنا محمد بن مسلم ثنا أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: "ما كان شيء أبغض إلى

رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب وما جرب على أحد كذبا فرجع إليه ما كان حتى يعرف منه توبة" حديث حسن رواه الحاكم في المستدرك من طريق ابن وهب عن محمد بن مسلم عن أيوب عن ابن سيرين عن عائشة رضي الله عنها وروى عبد الرزاق عن معمر عن موسى بن أبي شيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم: "أبطل شهادة رجل في كذبة كذبها" وهو مرسل وقد احتج به أحمد في إحدى الروايتين عنه وقال قيس بن أبي حازم: سمعت أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول: "إياكم والكذب فإن الكذب مجانب الإيمان" يروى موقوفا ومرفوعا وروى شعبة عن سلمة بن كهيل عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: "المسلم يطبع على كل طبيعة غير الخيانة والكذب" ويروى مرفوعا أيضا وفي المسند والترمذي من حديث خريم بن فاتك الأسدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلى صلاة الصبح فلما انصرف قام قائما قال: عدلت شهادة الزور الشرك بالله" ثلاث مرات ثم تلا هذه الآية {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} وفي المسند من حديث عبد الله ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بين الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة وقطع الأرحام وشهادة الزور وكتمان شهادة الحق" وقال الحسن بن زياد اللؤلؤي: ثنا أبو حنيفة قال كنا عند محارب بن دثار فتقدم إليه رجلان فادعى أحدهما على الآخر مالا فجحده المدعي عليه فسأله البينة فجاء رجل فشهد عليه فقال المشهود عليه لا والله الذي لا إله إلا هو ما شهد علي بحق وما علمته إلا رجلا صالحا غير هذه الزلة فإنه فعل هذا لحقد كان في قلبه علي وكان محارب متكئا فاستوى جالسا ثم قال: يا ذا الرجل سمعت ابن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليأتين على الناس يوم تشيب فيه الولدان وتضع الحوامل ما في بطونها وتضرب الطير بأذنابها وتضع ما في بطونها من شدة ذلك اليوم ولا ذنب عليها وإن شاهد الزور لا تقار قدماه على الأرض حتى يقذف به في النار" فإن كنت

شدت بحق فاتق الله وأقم على شهادتك وإن كنت شهدت بباطل فاتق الله وغط رأسك واخرج من ذلك الباب وقال عبد الملك بن عمير: "كنت في مجلس محارب بن دثار وهو في قضائه حتى تقدم إليه رجلان فادعى أحدهما على الآخر حقا فأنكره فقال: ألك بينة؟ فقال: نعم ادع فلانا فقال المدعى عليه إنا لله وإنا إليه راجعون والله إن شد علي ليشهدن بزور ولئن سألتني عنه لأزكينه فلما جاء الشاهد قال محارب بن دثار حدثني عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الطير لتضرب بمناقيرها وتقذف ما في حواصلها وتحرك أذنابها من هول يوم القيامة وإن شاهد الزور لا تقار قدماه على الأرض حتى يقذف به في النار" ثم قال للرجل بم تشهد قال: كنت أشهد على شهادة وقد نسيتها أرجع فأتذكرها فانصرف ولم يشهد عليه بشيء" ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده فقال: ثنا محمد بن بكار ثنا زافر عن أبي علي قال: "كنت عند محارب بن دثار فاختصم إليه رجلان فشهد على أحدهما شاهد فقال الرجل: لقد شهد علي بزور ولئن سئلت عنه ليزكين وكان محارب متكئا فجلس ثم قال: سمعت عبد الله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما شاهد الزور من مكانهما حتى يوجب الله له النار" وللحديث طرق إلى محارب.
فصل
الحكمة في عدم سماع قول الكذاب:
وأقوى الأسباب في رد الشهادة والفتيا والرواية الكذب لأنه فساد في نفس آلة الشهادة والفتيا والرواية فهو بمثابة شهادة الأعمى على رؤية الهلال وشهادة الأصم الذي لا يسمع على إقرار المقر فإن اللسان الكذوب بمنزلة العضو الذي قد تعطل نفعه بل هو شر منه فشر ما في المرء لسان كذوب ولهذا يجعل

الله سبحانه شعار الكاذب عليه يوم القيامة وشعار الكاذب على رسوله سواد وجوههم والكذب له تأثير عظيم في سواد الوجه ويكسوه برقعا من المقت يراه كل صادق فسيما الكاذب في وجهه ينادى عليه لمن له عينان والصادق يرزقه الله مهابة وجلالة فمن رآه هابه وأحبه والكاذب يرزقه إهانة ومقتا فمن رآه مقته واحتقره وبالله التوفيق.
فصل
سبب رد شهادة المجلود في حد القذف:
وقول أمير المؤمنين رضي الله عنه في كتابه: "أو مجلودا في حد" المراد به القاذف إذا حد للقذف لم تقبل شهادته بعد ذلك وهذا متفق عليه بين الأمة قبل التوبة والقرآن نص فيه وأما إذا تاب ففي قبول شهادته قولان مشهوران للعلماء: "أحدهما لا تقبل وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وأهل العراق والثاني تقبل وهو قول الشافعي وأحمد ومالك" وقال ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس: "شهادة الفاسق لا تجوز وإن تاب" وقال القاضي إسماعيل: ثنا أبو الوليد ثنا قيس عن سالم عن قيس بن عاصم قال: "كان أبو بكرة إذا أتاه رجل يشهده قال: أشهد غيري فإن المسلمون قد فسقوني" وهذا ثابت عن مجاهد وعكرمة والحسن ومسروق الشعبي في إحدى الروايتين عنهم وهو قول شريح.
واحتج أرباب هذا القول بأن الله سبحانه أبد المنع من قبول شهادتهم بقوله: "ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا" وحكم عليهم بالفسق ثم استثنى التائبين من الفاسقين وبقي المنع من قبول الشهادة على إطلاقه وتأبيده.
قالوا: وقد روى أبو جعفر الرازي عن آدم بن فائد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تجوز شهادة خائن

ولا خائنة ولا محدود في الإسلام ولا محدودة ولا ذي غمر على أخيه وله طرق إلى عمرو ورواه ابن ماجه من طريق حجاج بن أرطاة عن عمرو رواه البيهقي من طريق المثنى بن الصباح عن عمرو قالوا: وروى يزيد بن أبي زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عن عائشة ترفعه: "لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا مجلود في حد ولا ذي غمر لأخيه ولا مجرب عليه شهادة زور ولا ظنين في ولاء أو قرابة" وروى عن سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا.
قالوا: ولأن المنع من قبول شهادته جعل من تمام عقوبته ولهذا لا يترتب المنع إلا بعد الحد فلو قذف ولم يحد لا ترد شهادته ومعلوم أن الحد إنما زاده طهرة وخفف عنه إثم القذف أو رفعه فهو بعد الحد خير منه قبله ومع هذا فإنما ترد شهادته بعد الحد فردها من تمام عقوبته وحده وما كان من الحدود ولوازمها فإنه لا يسقط بالتوبة ولهذا لو تاب القاذف لم تمنع توبة إقامة الحد عليه فكذلك شهادته وقال سعيد بن جبير: "تقبل توبته فيما بينه وبين الله من العذاب العظيم ولا تقبل شهادته" وقال شريح: "لا تجوز شهادته أبدا وتوبته فيما بينه وبين ربه".
وسر المسألة أن رد شهادته جعل عقوبة لهذا الذنب فلا يسقط بالتوبة كالحد.
قال الآخرون واللفظ للشافعي: والثنيا في سياق الكلام على أول الكلام وآخره في جميع ما يذهب إليه أهل الفقه إلا أن يفرق بين ذلك خبر وأنبأنا ابن عيينة قال سمعت الزهري يقول: "زعم أهل العراق أن شهادة المحدود لا تجوز وأشهد لأخبرني فلان أن عمر قال لأبي بكرة: "تب أقبل شهادتك" قال سفيان: "نسيت اسم الذي حدث الزهري" فلما قمنا سألت من حضر فقال لي عمرو بن قيس: "هو سعيد بن المسيب" فقلت لسفيان: فهل شككت

فيما قال لك؟ قال: لا هو سعيد غير شك قال الشافعي: "وكثيرا ما سمعته يحدث فيسمي سعيدا وكثيرا ما سمعته يقول: عن سعيد إن شاء الله وأخبرني به من أثق به من أهل المدينة عن ابن شهاب عن ابن المسيب أن عمر لما جلد الثلاثة استتابهم فرجع اثنان فقبل شهادتهما وأبى أبو بكرة أن يرجع فرد شهادته ورواه سليمان بن كثير عن الزهري عن ابن المسيب أن عمر قال لأبي بكرة وشبل ونافع: "من تاب منكم قبلت شهادته" وقال عبد الرزاق: ثنا محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة عن ابن المسيب أن عمر قال للذين شهدوا على المغيرة: "توبوا تقبل شهادتكم" فتاب منهم اثنان وأبى أبو بكرة أن يتوب فكان عمر لا يقبل شهادته.
قالوا: والاستثناء عائد على جميع ما تقدمه سوى الحد فإن المسلمون مجمعون على أنه لا يسقط عن القاذف بالتوبة وقد قال أئمة اللغة: "إن الاستثناء يرجع إلى ما تقدم كله" قال أبو عبيد في كتاب القضاء: "وجماعة أهل الحجاز ومكة على قبول شهادته وأما أهل العراق فيأخذون بالقول الأول أن لا تقبل أبدا" وكلا الفريقين إنما تأولوا القرآن فيما نرى والذين لا يقبلونها يذهبون إلى أن المعنى انقطع من عند قوله: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} ثم استأنف فقال {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} فجعلوا الاستثناء من الفسق خاصة دون الشهادة وأما الآخرون فتأولوا أن الكلام تبع بعضه بعضا على نسق واحد فقال: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا} فانتظم الاستثناء كل ما كان قبله.
قال أبو عبيد: وهذا عندي هو القول المعمول به لأن من قال به أكثر وهو أصح في النظر ولا يكون القول بالشيء أكثر من الفعل وليس يختلف المسلمون في الزاني المجلود أن شهادته مقبولة إذا تاب.

قالوا: وأما ما ذكرتم عن ابن عباس فقد قال الشافعي: "بلغني عن ابن عباس أنه كان يجيز شهادة القاذف إذا تاب" وقال علي بن أبي طلحة عنه في قوله تعالى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} ثم قال{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} "فمن تاب وأصلح فشهادته في كتاب الله تقبل" وقال شريك عن ابي حصين عن الشعبي: "يقبل الله توبته ولا يقبلون شهادته" وقال مطرف عنه: "إذا فرغ من ضربه فأكذب نفسه ورجع عن قوله قبلت شهادته".
قالوا: وأما تلك الآثار التي رويتموها ففيها ضعف فإن آدم بن فائد غير معروف ورواته عن عمر قسمان ثقات وضعفاء فالثقات لم يذكر أحد منهم أو مجلودا في حد وإنما ذكره الضعفاء كالمثنى بن الصباح وآدم والحجاج وحديث عائشة فيه يزيد وهو ضعيف ولو صحت الأحاديث لحملت على غير التائب فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له وقد قبل شهادته بعد التوبة عمر وابن عباس ولا يعلم لهما في الصحابة مخالف.
قالوا: وأعظم موانع الشهادة الكفر والسحر وقتل النفس وعقوق الوالدين والزنا ولو تاب من هذه الأشياء قبلت شهادته اتفاقا فالتائب من القذف أولى بالقبول.
قالوا: وأين جناية قتله من قذفه؟ قالوا: الحد يدرأ عنه عقوبة الآخرة وهو طهرة له فإن الحدود طهرة لأهلها فكيف تقبل شهادته إذا لم يتطهر بالحد وترد أطهر ما يكون فإنه بالحد والتوبة قد يطهر طهرا كاملا.
قالوا: ورد الشهادة بالقذف إنما هو مستند إلى العلة التي ذكرها الله عقيب هذا الحكم وهي الفسق وقد ارتفع الفسق بالتوبة وهو سبب الرد فيجب ارتفاع ما ترتب عليه وهو المنع.

قالوا: والقاذف فاسق بقذفه حد أو لم يحد فكيف تقبل شهادته في حال فسقه وترد شهادته بعد زوال فسقه؟!.
قالوا: ولا عهد لنا في الشريعة بذنب واحد أصلا يتاب منه ويبقي أثره المترتب عليه من رد الشهادة وهل هذا إلا خلاف المعهود منها وخلاف قوله صلى الله عليه وسلم: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" وعند هذا فيقال: توبته من القذف تنزله منزلة من لم يقذف فيجب قبول شهادته أو كما قالوا.
قال المانعون: القذف متضمن للجناية على حق الله وحق الآدمي وهو من أوفى الجرائم فناسب تغليظ الزجر ورد الشهادة من أقوى أسباب الزجر لما فيه من إيلام القلب والنكاية في النفس إذ هو عزل لولاية لسانه الذي استطال به على عرض أخيه وإبطال لها ثم هو عقوبة في محل الجناية فإن الجناية حصلت بلسانه فكان أولى بالعقوبة فيه وقد رأينا الشارع قد اعتبر هذا حيث قطع يد السارق فإنه حد مشروع في محل الجناية ولا ينتقض هذا بأن لم يجعل عقوبة الزاني بقطع العضو الذي جنى به لوجوه أحدها أنه عضو خفي مستور لا تراه العيون فلا يحصل الاعتبار المقصود من الحد بقطعه الثاني أن ذلك يفضي إلى إبطال آلات التناسل وانقطاع النوع الإنساني الثالث أن لذة البدن جميعه بالزنا كلذة العضو المخصوص فالذي نال البدن من اللذة المحرمة مثل ما نال الفرج ولهذا كان حد الخمر على جميع البدن الرابع أن قطع هذا العضو مفض إلى الهلاك وغير المحصن لا تستوجب جريمته الهلاك والمحصن إنما يناسب جريمته أشنع القتلات ولا يناسبها قطع بعض أعضائه فافترقا.
قالوا وأما قبول شهادته قبل الحد وردها بعده فلما تقدم أن رد الشهادة جعل من تمام الحد وتكملته فهو كالصفة والتتمة للحد فلا يتقدم عليه ولأن

إقامة الحد عليه ينقص حاله عند الناس وتقل حرمته وهو قبل إقامة الحد قائم الحرمة غير منتهكها.
قالوا: وأم التائب من الزنا والكفر والقتل فإنما قبلنا شهادته لأن ردها كان نتيجة الفسق وقد زال بخلاف مسألتنا فإنا قد بينا أن ردها من تتمة الحد فافترقا.
قال القابلون: تغليظ الزجر لا ضابط له وقد حصلت مصلحة الزجر بالحداد وكذلك سائر الجرائم جعل الشارع مصلحة الزجر عليها بالحد وإلا فلا تطلق نساؤه ولا يؤخذ ماله ولا يعزل عن مناصبه ولا تسقط روايته لأنه أغلظ في الزجر وقد أجمع المسلمون على قبول رواية أبي بكرة رضي الله عنه وتغليظ الزجر من الأوصاف المنتشرة التي لا تنضبط وقد حصل إيلام القلب والبدن والنكاية في النفس بالضرب الذي أخذ من ظهره وأيضا فإن رد الشهادة لا ينزجر به أكثر القاذفين وإنما يتأثر بذلك وينزجر أعيان الناس وقل أن يوجد القذف من أحدهم وإنما يوجد غالبا من الرعاع والسقط ومن لا يبالي برد شهادته وقبولها وأيضا فكم من قاذف انقضى عمره وما أدى شهادة عند حاكم ومصلحة الزجر إنما تكون بمنع النفوس ما هي محتاجة إليه وهو كثير الوقوع منها ثم هذه المناسبة التي ذكرتموها يعارضها ما هو أقوى منها فإن رد الشهادة أبدا تلزم منه مفسدة فوات الحقوق على الغير وتعطيل الشهادة في محل الحاجة إليها ولا يلزم مثل ذلك في القبول فإنه لا مفسدة فيه في حق الغير من عدل تائب قد أصلح ما بينه وبين الله ولا ريب أن اعتبار مصلحة يلزم منها مفسدة أولى من اعتبار مصلحة يلزم منها عدة مفاسد في حق الشاهد وحق المشهود له وعليه والشارع له تطلع إلى حفظ الحقوق على مستحقيها بكل طريق وعدم إضاعتها فكيف يبطل حقا قد شهد به عدل مرضي مقبول الشهادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى دينه رواية وفتوى؟!.

وأما قولكم: "إن العقوبة تكون في محل الجناية" فهذا غير لازم لما تقدم من عقوبة الشارب والزاني وقد جعل الله سبحانه عقوبة هذه الجريمة على جميع البدن دون اللسان وإنما جعل عقوبة اللسان بسبب الفسق الذي هو محل التهمة فإذا زال الفسق بالتوبة فلا وجه للعقوبة بعدها.
أما قولكم: "إن رد الشهادة من تمام الحد" فليس كذلك فإن الحد تم باستيفاء عدده وسببه نفس القذف وأما رد الشهادة فحكم آخر أوجبه الفسق بالقذف لا الحد فالقذف أوجب حكمين ثبوت الفسق وحصول الحد وهما متغايران.
فصل
رد الشهادة بالتهمة:
وقوله: "أو ظنينا في ولاء أو قرابة" الظنين: المتهم والشهادة ترد بالتهمة ودل هذا على أنها لا ترد بالقرابة كما لا ترد بالولاء وإنما ترد بتهمتها وهذا هو الصواب كما تقدم وقال أبو عبيد: ثنا حجاج عن ابن جريج قال أخبرني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن أبي الزناد عن عبد الله بن عامر ابن ربيعة عن عمر بن الخطاب أنه قال: "تجوز شهادة الوالد لولده والولد لوالده والأخ لأخيه إذا كانوا عدولا لم يقل الله حين قال{مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} إلا والدا وولدا وأخا" هذا لفظه وليس في ذلك عن عمر روايتان بل إنما منع من شهادة المتهم في قرابته وولائه وقال أبو عبيد: حدثني يحيى بن بكير عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمر بن عبد العزيز كتب أنه تجوز شهادة الولد لوالده وقال إسحاق بن راهويه: "لم تزل قضاة الإسلام على هذا وإنما قبل قول الشاهد لظن صدقه فإذا كان متهما عارضت التهمة الظن فبقيت البراءة الأصلية ليس لها معارض مقاوم".

فصل: من تقبل شهادته
قوله: "فإن الله تبارك وتعالى تولى من العباد السرائر وستر عليهم الحدود إلا بالبينات والأيمان" يريد بذلك أن من ظهرت لنا منه علانية خير قبلنا شهادته ووكلنا سريرته إلى الله سبحانه فإن الله سبحانه لم يجعل أحكام الدنيا على السرائر بل على الظواهر والسرائر تبع لها وأما أحكام الآخرة فعلى السرائر والظواهر تبع لها.
وقد احتج بعض أهل العراق بقول عمر هذا على قبول شهادة كل مسلم لم تظهر منه ريبة وإن كان مجهول الحال فإنه قال: "والمسلمون عدول بعضهم على بعض" ثم قال: "فإن الله تعالى تولى من عباده السرائر وستر عليهم الحدود" ولا يدل كلامه على هذا المذهب بل قد روى أبو عبيد ثنا الحجاج عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عمر بن الخطاب: "لا يوسر أحد في الإسلام بشهداء السوء فإنا لا نقبل إلا العدول" وثنا أسحاق بن على بن مالك بن انس عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: "والله لا يوسرن رجل في الإسلام بغير العدول" ثنا إسماعيل بن ابراهيم الجريري عن أبي نضرة عن أبي فراس أن عمر بن الخطاب قال في خطبته: "من أظهر لنا خيرا ظننا به خيرا وأحببناه عليه ومن أظهر لنا شرا ظننا به شرا وأبغضناه عليه".
وقوله: "وستر عليهم الحدود" يعني المحارم وهي حدود الله التي نهى عن قربانها والحد يراد به الذنب تارة والعقوبة أخرى.
وقوله: "إلا بالبينات" يريد البينات: الأدلة والشواهد فإنه قد صح عنه الحد في الزنا بالحبل فهو بينة صادقة بل هو أصدق من الشهود

وكذلك رائحة الخمر بينة على شربها عند الصحابة وفقهاء أهل المدينة وأكثر فقهاء الحديث.
وقوله: "والأيمان" يريد بها أيمان الزوج في اللعان وأيمان أولياء القتيل في القسامة وهي قائمة مقام البينة.



*الأعصار الصامت*
*الأعصار الصامت*
المدير العام
المدير العام
الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4286
تاريخ التسجيل : 14/02/2009
العمر : 46
الموقع الموقع : سمو المشاعر الايمانية اللايت سي..الشبكة الاسلامية
العمل/الترفيه العمل/الترفيه : في مجال البناء
المزاج المزاج : حازم
تعاليق : ظَمَأُ الكَواسِرِ ِ يًروِيهِ دَمٌ...يرَاقُ من ذَلِيلِ قُطعَان ِ...
وَتَأنَفُ السِّباعُ أَكلَ جِيَف ٍ....تُلقَى بِدَربٍ بعد نُحرانِ ِ..
وَتَرفَعُ تَحِيَّةً وهي تُمَزِّقُ...مَن خَاضَ الغِمارَ كَشُجعَان ِ..
فَالأُسدُ شِيمَتُهَا رِفعَة ً تُتَوِّجُهَا...رُسُوخُ الهَام ِ بِمَيدَان ِ..

https://e3sar-samet.yoo7.com

شروط الصلح بين المسلمين-ابن القيم Empty رد: شروط الصلح بين المسلمين-ابن القيم

الأحد 10 يوليو 2011, 1:18 pm
بوركت موضوع مهم جدا

ونقل قيم


تم التثبيت للموضوع

الاعصار الصامت
*سلسبيلا*
*سلسبيلا*
نائبة المدير
نائبة المدير
الجنس : انثى عدد المساهمات : 5699
تاريخ التسجيل : 19/02/2009
المزاج المزاج : رائع
تعاليق : :

أكتب ما يقوله النّاس ضدك في | أوراقّ *

. . . . . . . . . . . . . . . وضعها تحت قدميك !

فـ كلما زادت الأوراق (ارتفعت أنت الى الأعلى )

شروط الصلح بين المسلمين-ابن القيم Empty رد: شروط الصلح بين المسلمين-ابن القيم

الثلاثاء 12 يوليو 2011, 6:39 am
مشكور موضوع مميزشروط الصلح بين المسلمين-ابن القيم Wco10357
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى