المجاهدون في المعركة .....آمنون

الأحد 26 أبريل 2009, 6:59 pm

بقلم ........ د .وائل الزرد

كنتُ قد تحدثتُ في مقالٍ سابقٍ عن سلاحِ الرعبِ الإلهي الذي ينصرُ اللهُ به المؤمنينَ على غيرهم من الكافرين ورأينا كيف نُصِرَ المؤمنون على غيرهم يومَ أن ألقى اللهُ الرعبَ في قلوبِ الذين كفروا بما أشركوا باللهِ ما لم ينزلْ بهِ سلطاناً فخربوا بيوتَهم بأيديهم وأيدي المؤمنينَ ، وأُسِرَ فريقٌ منهم وعُجِّلَ بالفريقِ الآخرِ إلى جهنمَ قتيلاً ...

وفي هذا المقالِ سنتناولُ قرينَ سلاحِ الرعب المستخدمِ مع الكافرين ، وهو سلاحُ الأمنِ الإلهي لكنه خاصٌ بالمؤمنين وقتَ المعاركِ وفي أرضِ المعركةِ وفي ميدانِ القتال والنزال وعندَ رؤيةِ الأشلاء والدماء .

إنه الأمنُ والأمانُ الذي يسكبه اللهُ تعالى في قلوبِ المؤمنين فيغشاهمُ النعاسُ وقتَ المعركةِ فيحيلُ خوفَهم أمناً واضطرَابَهم سكوناً بل وصَحْوَهُم نوماً يَسيراً يذهبُ معَهُ الخوفُ والرعبُ !

وفي لقاءٍ مع أحدِ المجاهدين سألتُه عن حالتِهم وقتَ القصفِ الشديد الذي حدثَ على قطاعِ غزة أيامَ العدوانِ الصهيوني فقال : تكونونَ أنتم في بيوتِكم تخشونَ من الصواريخ والطائرات والقنابل ونحن في أماكنِ قتالِنا ورباطِنا قلوبُنا مطمئنةٌ ولسانُنَا لا يفترُ عن ذكرِ الله ولا نشعرُ بما تشعرونَ به من خوفٍ ورعبٍ من القصفِ والتدميرِ ، فقلتُ صدقَ الشابُ ، أَلَمْ يَقُلِ اللهُ تعالى [الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ] .

ومما قرأناهُ في كتبِ الفقه أنَّ النعاسَ في الصلاةِ من الشيطانِ وفي المعركةِ من الرحمن ، وتتجلى حقيقةُ هذا القولِ حين نسمعُ قولَ اللهِ تعالى وهو يمتنُّ على أهلِ بدرٍ وكيفَ يَسَّرَ لهم نصراً من عندهِ سبحانه وتعالى على عدوِّه وعدوِّهم بسلاحٍ لا يعرفه إلا منْ نزلَ إلى أرضِ المعركةِ مقاتلاً في سبيلِ الله لا سبيلِ غيره ، إنه سلاحُ الأمنِ الإلهي الذي ينزلُه اللهُ من السماءِ في قلوبِ المقاتلينَ المؤمنينَ [إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ] .

وصاحبكم وهو يكتبُ مجموعةَ "مقالات أيام العدوان" يكتبها على وقع أزيز الطائرات وصوت الصواريخ وبلا ضوء كهرباء سوى شمعة كلما أُطفأت أُوقِدَ غيرُها وما ذاك إلا لتسليمٍ لله فيما يقضي في خلقه سبحانه وتعالى ...

وفي السيرة النبوية أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان يوم بدر في العريش مع الصديق ، رضي الله عنه وهما يدعوان ، أخذتْ رسولَ الله سنةٌ من النوم -أَغْفَى إِغْفَاءَةً- ثم استيقظ متبسماً فقال : "أَبْشِرْ يَا أَبَا بَكْرٍ، هَذا جِبْرِيلُ عَلى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ" ثم خرج من باب العريش ، وهو يتلو قوله تعالى [سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ] .

هذه الإغفاءة النبوية التي سميت "سنة من النوم" في وقت المعركة هي سلاح الأمن الإلهي الذي نتكلم عن إنزاله من قبل الله تعالى في أرض المعركة في قلوب المؤمنين فيجعلهم يرون الدنيا كلها صغيرة مع اتساعها ويرون عدد عدوهم قليلاً مع كثرته [وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ التَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ] وقد كان عددُهم وقتَ نزولِ هذه الآية أضعافَ عددِ المؤمنين.

ولك أن تتخيل كم هي الصورة رائعة أن يتمايل المقاتلون من النعاس ، والرماح تتناوشهم والسهام تتطاير من حولهم ، والكفار ينتظرون غفلتهم [وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً] ومع هذا فالمجاهدون في أمان الله يتقلبون وفي كنف الله آمنون ، وفي غزوة أحد خير شاهد ودليل روى الترمذي عَنْ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ : رَفَعْتُ رَأْسِي يَوْمَ أُحُدٍ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ وَمَا مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا يَمِيدُ تَحْتَ حَجَفَتِهِ مِنْ النُّعَاسِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ[ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا] وفي البخاري قال أبو طلحة : "كُنْتُ فِيمَنْ تَغَشَّاهُ النُّعَاسُ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا يَسْقُطُ وَآخُذُهُ وَيَسْقُطُ فَآخُذُهُ " .

أيُّ أَمْنٍ عَاشَهُ الصحابة رضي الله عنهم في تلك الغزوات والمعارك ، وأي راحة وطمأنينة استقرت في قلوبهم حتى يسقط السيف من أيديهم مراراً وهم لا يبالون ولا يعيرون ذلك اهتماماً وما ذاك إلا لسكون وهدوء ورقة سكنت قلوبهم الطاهرة وأيديهم المتوضئة فرضي الله عنهم ورضوا عنه .

واليوم والعدوان الصهيوني يصل إلى مداه في اليوم الخامس عشر ويستخدم اليهود فيه كلَّ الأسلحة المحرمة دولياً والتي–ربما-من صوتها المرعب تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ، ولكنَّ شيئاً من ذلك لم يؤثر في المجاهدين ، فهم في وسطِ المعركةِ قد أُلْقِيَ عليهمُ الأمْنُ ونَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ إنها السكينة التي ينزلها الله تعالى على قلوب المؤمنين ليثبتوا في الميدان عندما تزيغ قلوب بعض الناس[هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَللهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا] .

ولذلك ليس عجيباً أن يكون من نعيم الجنة لأهلها أنهم فيها آمنون :

[وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الغُرُفَاتِ آَمِنُونَ]

وختاماً :

أسأل الله تعالى أن ينزل على أبناء شعبنا الأمن والأمان والسلامة والإسلام

ونسأله أن يجعل بلادنا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين

وصَلِّ اللهمَّ على سيدِنا أبي القاسم وسَلِّمْ تسليماً كثيراً

والحمد لله رب العالمين

الإثنين 27 أبريل 2009, 11:24 am

موضوع رائع اخي واختيار موفق

سلم بنانك وبارك الله جهودك واحوالك

اخوك الاعصار الصامت

ابوالقواسمي ..هههه

الثلاثاء 28 أبريل 2009, 6:59 pm

جزاك الله خير

موفق دائماً باذن الله

ســـــــــوار

.0.0.

المجاهدون في المعركة .....آمنون Bar351

المجاهدون في المعركة .....آمنون

المجاهدون في المعركة .....آمنون

رد: المجاهدون في المعركة .....آمنون

رد: المجاهدون في المعركة .....آمنون