- عز الدينرائع فوق العادة
- الجنس : عدد المساهمات : 670
تاريخ التسجيل : 01/03/2011
العمر : 49
العمل/الترفيه : بحري قديم
المزاج : يا من لجرح كلما سكنته ** لكأ الحشى بمواجع ومآسي // لو انه في الرأس كنت ضمدته ** لكنه في القلب لا في الرأسِ
منزلة (الغنى العالي).
الأربعاء 10 أغسطس 2011, 6:00 am
منزلة الغنى العالي
من منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الغنى العالي
وهو نوعان: غنى بالله وغنى عن غير الله وهما حقيقة الفقر ولكن أرباب الطريق أفردوا للغنى منزلة قال صاحب المنازل رحمه الله باب الغني قال الله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} [ الضحى: 8 ] وفي الآية ثلاثة أقوال أحدها: أنه أغناه من المال بعد فقره: وهذا قول أكثر المفسرين لأنه قابله بقوله عائلا والعائل: هو المحتاج ليس ذا العيلة فأغناه من المال والثاني: أنه أرضاه بما أعطاه وأغناه به عن سواه فهو غنى قلب ونفس لا غنى مال وهو حقيقة الغنى والثالث: وهو الصحيح أنه يعم النوعين: نوعي الغنى فأغنى قلبه به وأغناه من المال ثم قال: الغنى اسم للملك التام يعني أن من كان مالكا من وجه دون وجه فليس بغني وعلى هذا: فلا يستحق اسم الغنى بالحقيقة إلا الله وكل ما سواه فقير إليه بالذات قال: وهو على ثلاث درجات الدرجة الأولى: غنى القلب وهو سلامته من السبب ومسالمته للحكم وخلاصه من الخصومة
حقيقة غني القلب: تعلقه بالله وحده وحقيقة فقره المذموم: تعلقه بغيره فإذا تعلق بالله حصلت له هذه الثلاثة التي ذكرها سلامته من السبب أي من التعلق به لا من القيام به والغني عند أهل الغفلة بالسبب ولذلك قلوبهم معلقة به وعند العارفين بالمسبب وكذلك الصناعة والقوة فهذه الثلاثة: هي جهات الغنى عند الناس وهي التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: إن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوى وفي رواية ولا لقوي مكتسب وهو غني بالشيء فصاحبها غني بها إذا سكنت نفسه إليها وإن كان سكونه إلى ربه: فهو غني به وكل ما سكنت النفس إليه فهي فقيرة إليه وأما مسالمة الحكم فعلى نوعين أحدهما: مسالمة الحكم الديني الأمري وهي معانقته وموافقته ضد محاربته والثاني: مسالمة الحكم الكوني القدري الذي يجري عليه بغير اختباره ولا قدره له على دفعه وهو غير مأمور بدفعه وفي مسالمة الحكم نكتة لابد منها وهي تجريد إضافته ونسبته إلى من صدر عنه بحيث لا ينسبه إلى غيره وهذا يتضمن توحيد الربوبية في مسالمة الحكم الكوني وتوحيد الإلهية في مسألمة الحكم الديني وهما حقيقة إياك نعبد وإياك نستعين وأما الخلاص من الخصومة فإنما يحمد منه: الخلاص من الخصومة بنفسه لنفسه وأما إذا خاصم بالله ولله: فهذا من كمال العبودية وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في استفتاحه: اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت
فصل قال: الدرجة الثانية: غنى النفس وهو استقامتها على المرغوب
وسلامتها من الحظوظ وبراءتها من المراءاة جعل الشيخ: غنى النفس فوق غنى القلب ومعلوم: أن أمور القلب أكمل وأقوى من أمور النفس لكن في هذا الترتيب نكتة لطيفة وهي أن النفس من جند القلب ورعيته وهي من أشد جنده خلافا عليه وشقاقا له ومن قبلها تتشوش عليه المملكة ويدخل عليه الداخل فإذا حصل له كمال بالغنى: لم يتم له إلا بغناها أيضا فإنها متى كانت فقيرة عاد حكم فقرها عليه وتشوش عليه غناه فكان غناها تماما لغناه وكمالا له وغناه أصلا بغناها فمنه يصل الغنى إليها ومنها يصل الفقر والضرر والعنت إليه إذا عرف هذا فالشيخ جعل غناها بثلاثة أشياء: استقامتها على المرغوب وهو الحق تعالى واستقامتها عليه: استدامة طلبه وقطع المنازل بالسير إليه الثاني: سلامتها من الحظوظ وهي تعلقاتها الظاهرة والباطنة بما سوى الله الثالث: براءتها من المراءاة وهي إرادة غير الله بشيء من أعمالها وأقوالها فمراءاتها دليل على شدة فقرها وتعلقها بالحظوظ من فقرها أيضا وعدم استقامتها على مطلوبها الحق أيضا: من فقرها وذلك يدل على أنها غير واجدة لله إذ لو وجدته لاستقامت على السير إليه ولقطعت تعلقاتها وحظوظها من غيره ولما أرادت بعملها غيره فلا تستقيم هذه الثلاثة إلا لمن قد ظفر بنفسه ووجد مطلوبه وما لم يجد ربه تعالى فلا استقامة له ولا سلامة لها من الحظوظ ولا براءة لها من الرياء
فصل قال: الدرجة الثالثة: الغنى بالحق وهو على ثلاث مراتب المرتبة
الأولى: شهود ذكره إياك والثانية: دوام مطالعة أوليته والثالثة: الفوز بوجوده أما شهود ذكره إياك فقد تقدم قريبا وأما مطالعة أوليته فهو سبقه للأشياء جميعا فهو الأول الذي ليس قبله شيء قال بعضهم: ما رأيت شيئا إلا وقد رأيت الله قبله فإن قلت: وأي غنى يحصل للقلب للقلب من مطالعة أولية الرب وسبقه لكل شيء ومعلوم أن هذا حاصل لكل أحد من غني أو فقير فما وجه الغنى الحاصل به قلت: إذا شهد القلب سبقه للأسباب وأنها كانت في حيز العدم وهو الذي كساها حلة الوجود فهي معدومة بالذات فقيرة إليه بالذات وهو الموجود بذاته والغني بذاته لا بغيره فليس الغنى في الحقيقة إلا به كما أنه ليس في الحقيقة إلا له فالغنى بغيره: عين الفقر فإنه غني بمعدوم فقير وفقير كيف يستغني بفقير مثله وأما الفوز بوجوده فإشارة القوم كلهم إلى هذا المعنى وهو نهاية سفرهم وفي الأثر الإلهي: ابن آدم اطلبني تجدني فإن وجدتني وجدت كل شيء وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء ومن لم يعلم معنى وجوده لله عز وجل والفوز به: فليحث على رأسه الرماد وليبك على نفسه والله أعلم
من منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الغنى العالي
وهو نوعان: غنى بالله وغنى عن غير الله وهما حقيقة الفقر ولكن أرباب الطريق أفردوا للغنى منزلة قال صاحب المنازل رحمه الله باب الغني قال الله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} [ الضحى: 8 ] وفي الآية ثلاثة أقوال أحدها: أنه أغناه من المال بعد فقره: وهذا قول أكثر المفسرين لأنه قابله بقوله عائلا والعائل: هو المحتاج ليس ذا العيلة فأغناه من المال والثاني: أنه أرضاه بما أعطاه وأغناه به عن سواه فهو غنى قلب ونفس لا غنى مال وهو حقيقة الغنى والثالث: وهو الصحيح أنه يعم النوعين: نوعي الغنى فأغنى قلبه به وأغناه من المال ثم قال: الغنى اسم للملك التام يعني أن من كان مالكا من وجه دون وجه فليس بغني وعلى هذا: فلا يستحق اسم الغنى بالحقيقة إلا الله وكل ما سواه فقير إليه بالذات قال: وهو على ثلاث درجات الدرجة الأولى: غنى القلب وهو سلامته من السبب ومسالمته للحكم وخلاصه من الخصومة
حقيقة غني القلب: تعلقه بالله وحده وحقيقة فقره المذموم: تعلقه بغيره فإذا تعلق بالله حصلت له هذه الثلاثة التي ذكرها سلامته من السبب أي من التعلق به لا من القيام به والغني عند أهل الغفلة بالسبب ولذلك قلوبهم معلقة به وعند العارفين بالمسبب وكذلك الصناعة والقوة فهذه الثلاثة: هي جهات الغنى عند الناس وهي التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: إن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوى وفي رواية ولا لقوي مكتسب وهو غني بالشيء فصاحبها غني بها إذا سكنت نفسه إليها وإن كان سكونه إلى ربه: فهو غني به وكل ما سكنت النفس إليه فهي فقيرة إليه وأما مسالمة الحكم فعلى نوعين أحدهما: مسالمة الحكم الديني الأمري وهي معانقته وموافقته ضد محاربته والثاني: مسالمة الحكم الكوني القدري الذي يجري عليه بغير اختباره ولا قدره له على دفعه وهو غير مأمور بدفعه وفي مسالمة الحكم نكتة لابد منها وهي تجريد إضافته ونسبته إلى من صدر عنه بحيث لا ينسبه إلى غيره وهذا يتضمن توحيد الربوبية في مسالمة الحكم الكوني وتوحيد الإلهية في مسألمة الحكم الديني وهما حقيقة إياك نعبد وإياك نستعين وأما الخلاص من الخصومة فإنما يحمد منه: الخلاص من الخصومة بنفسه لنفسه وأما إذا خاصم بالله ولله: فهذا من كمال العبودية وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في استفتاحه: اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت
فصل قال: الدرجة الثانية: غنى النفس وهو استقامتها على المرغوب
وسلامتها من الحظوظ وبراءتها من المراءاة جعل الشيخ: غنى النفس فوق غنى القلب ومعلوم: أن أمور القلب أكمل وأقوى من أمور النفس لكن في هذا الترتيب نكتة لطيفة وهي أن النفس من جند القلب ورعيته وهي من أشد جنده خلافا عليه وشقاقا له ومن قبلها تتشوش عليه المملكة ويدخل عليه الداخل فإذا حصل له كمال بالغنى: لم يتم له إلا بغناها أيضا فإنها متى كانت فقيرة عاد حكم فقرها عليه وتشوش عليه غناه فكان غناها تماما لغناه وكمالا له وغناه أصلا بغناها فمنه يصل الغنى إليها ومنها يصل الفقر والضرر والعنت إليه إذا عرف هذا فالشيخ جعل غناها بثلاثة أشياء: استقامتها على المرغوب وهو الحق تعالى واستقامتها عليه: استدامة طلبه وقطع المنازل بالسير إليه الثاني: سلامتها من الحظوظ وهي تعلقاتها الظاهرة والباطنة بما سوى الله الثالث: براءتها من المراءاة وهي إرادة غير الله بشيء من أعمالها وأقوالها فمراءاتها دليل على شدة فقرها وتعلقها بالحظوظ من فقرها أيضا وعدم استقامتها على مطلوبها الحق أيضا: من فقرها وذلك يدل على أنها غير واجدة لله إذ لو وجدته لاستقامت على السير إليه ولقطعت تعلقاتها وحظوظها من غيره ولما أرادت بعملها غيره فلا تستقيم هذه الثلاثة إلا لمن قد ظفر بنفسه ووجد مطلوبه وما لم يجد ربه تعالى فلا استقامة له ولا سلامة لها من الحظوظ ولا براءة لها من الرياء
فصل قال: الدرجة الثالثة: الغنى بالحق وهو على ثلاث مراتب المرتبة
الأولى: شهود ذكره إياك والثانية: دوام مطالعة أوليته والثالثة: الفوز بوجوده أما شهود ذكره إياك فقد تقدم قريبا وأما مطالعة أوليته فهو سبقه للأشياء جميعا فهو الأول الذي ليس قبله شيء قال بعضهم: ما رأيت شيئا إلا وقد رأيت الله قبله فإن قلت: وأي غنى يحصل للقلب للقلب من مطالعة أولية الرب وسبقه لكل شيء ومعلوم أن هذا حاصل لكل أحد من غني أو فقير فما وجه الغنى الحاصل به قلت: إذا شهد القلب سبقه للأسباب وأنها كانت في حيز العدم وهو الذي كساها حلة الوجود فهي معدومة بالذات فقيرة إليه بالذات وهو الموجود بذاته والغني بذاته لا بغيره فليس الغنى في الحقيقة إلا به كما أنه ليس في الحقيقة إلا له فالغنى بغيره: عين الفقر فإنه غني بمعدوم فقير وفقير كيف يستغني بفقير مثله وأما الفوز بوجوده فإشارة القوم كلهم إلى هذا المعنى وهو نهاية سفرهم وفي الأثر الإلهي: ابن آدم اطلبني تجدني فإن وجدتني وجدت كل شيء وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحب إليك من كل شيء ومن لم يعلم معنى وجوده لله عز وجل والفوز به: فليحث على رأسه الرماد وليبك على نفسه والله أعلم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى