خطاب نتنياهو ،،،قل هو من عند أنفسكم!!

الإثنين 15 يونيو 2009, 2:30 pm

ألقي نتانياهو خطابه المنتظر , وفجر القنابل الصهيونية من العيار الثقيل ,في وجه أدعياء السلام ليؤكد على سياسة حكومته المتطرفة ,التي اتضحت معالمها منذ اليوم الأول لخطابة في الكنيست الصهيوني , عقب تسلمه رئاسة الحكومة الصهيونية , وها هو اليوم يجدد الطرح الصهيوني المتطرف ,الرافضة لكل الاتفاقيات والتفاهمات المبرمة مسبقاً ,وخاصة مبدأ الدولتين والذي يتعلق به أمل تيار التسوية ,وينتظرون من نتانياهو إعلان موافقته وقبوله بحل الدولتين , إلا أن نتانياهو بدد الأوهام التي لازال البعض يؤمن بها , حول نجاعة طريق التسوية لتحصيل الحقوق الوطنية , ليكشف للجميع عن الطبيعة الصهيونية , المتنكرة لبسط حقوق الشعب الفلسطيني.

خطاب نتانياهو بما يحمله من مغالطات تاريخية , حول اليد الصهيونية الممدودة للسلام منذ 60 عام , وهل تجاهل نتانياهو أن كيانه , أقيم على جثث الأطفال والنساء وتهجير شعب بأكمله , يعد استخفافاً بكل مبادرات العرب الرسميون ,للسلام مع الكيان الغاصب وهو يعلن شروطه للسلام العادل , لا عودة للاجئين , الاعتراف بيهودية الدولة , القدس عاصمة موحدة للكيان الصهيوني , دولة فلسطينية منزوعة السيادة والسلاح , كل هذه الشروط التي يضعها نتانياهو ,كمقدمة لقبوله التفاوض مع الجانب الفلسطيني ,قد أقر بها المفاوض الفلسطيني من حيث يدري أو لا يدري , وان المستنقع التفاوضي قد جر فريق التسوية , إلى تقديم هذه التنازلات مقدماً , في كل جولات التفاوض السابقة , حيث قدم النظام العربي وفريق السلطة برام الله , صك الاعتراف بيهودية الدولة في مؤتمر أنابوليس , كما أن السيد قريع أعلن في مقابلة مع صحيفة "هارتس" الصهيونية , بتاريخ 25/5/2009م بأن المنظمة قد اعترفت بيهودية الدولة من 1988 , كما أن المنظمة قبلت بقرار التقسيم 181, والذي ينص على إقامة دولة يهودية في فلسطين المحتلة.

وكأن لسان حال نتانياهو ,وهو يطرح شروطه لبدء التفاوض, يقول هو من عند أنفسكم وإمعاناًَ في الإذلال , عليكم جميعاً يا أمة العرب والمسلمين ,وليس الفلسطينيين فقط أن تعترفوا بيهودية الكيان ,وتقيموا علاقاتكم معه على هذا الأساس ,وان تقبلوا توطين اللاجئين في دولكم , فأرض فلسطين هي لليهود باعترافكم !!!! .

فلقد أعلن رئيس حكومة العدو بل وقاحة أن القدس المحتلة عاصمة "إسرائيل" الموحدة , وهل جاء هذا الإصرار من قبل نتانياهو إلا بسبب تراخي المفاوض الفلسطيني ,في مسألة القدس المحتلة إلى درجة التبرع ,بطرح مخرج تدويل المدينة أو خضوعها لطرف ثالث ؟! , وهل يعقل أن يتهاون المفاوض الفلسطيني , بمدينة القدس المحتلة مركز الصراع مع الصهاينة , وصولا إلى تبني أنصاف الحلول , بخصوصها واختراع التسميات التي لا ترسم المعالم الواضحة للقدس وتحفظها ؟! وكما أن الصمت العربي على ما يجرى من تهويد للمدينة وتهجير لأهلها , قد أعطي نتانياهو القوة لإعلان تمسكه بالقدس موحدة , بعد أن كان أسلافه يطرحون بعض المخارج لموضوع العاصمة تخوفاً من غضبة الأمة المسلمة الغيور على مقدساتها !!!.

وإذا كان نتانياهو قد أعلن بأن لا عودة للاجئين , فان الأمر طبيعياً إذ يصدر من عدو , يرى في عودة اللاجئين اقتراب زوال كيانه , الذي كان قائماً بالأساس على ترحيل هؤلاء قبل 61 عاماً , تحت تهديد القتل والمجازر , ولكن ما الذي شجع نتانياهو على هذا التعنت والتشدد في قضية اللاجئين , إلا ما يصدر فلسطينياً من تصريحات وخاصة السيد أبو مازن , الذي يقول بأنه لا يريد عودة خمسة ملايين لاجئ "لإسرائيل" , لان ذلك يعني تدمير "إسرائيل " والسيد أبو مازن لا يريد تدميرها كما أعلن أكثر من مرة ,كما أن الطرح التفاوضي وقبول التلاعب بالألفاظ , في المبادرات العربية التي لم تحمي حق العودة , بالإضافة إلى السلوك التفاوضي الفلسطيني ,واستخدام مصطلحات الحل العادل والحل المقبول ,والمتفق عليه والتجاذب بين خياري العودة أو التعويض , قد أغرى العدو الصهيوني لإحراز تغيير جوهري , في موضوع حق العودة والمجاهرة برفضه بالمطلق ,بالرغم من وجود قرار دولي بخصوصه.

ليس غريباً أن يرفض نتانياهو وقف الاستيطان في الضفة المحتلة ,وهل هو أقل صهيونية من أولمرت ؟! ,والذي استمرت حكومته بسياسة الاستيطان ,ومنحت التراخيص والمناقصات للبناء في المستوطنات المختلفة , فلقد اظهر تحقيق ميداني لصحيفة "يديعوت "بتاريخ 9/6 حول الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة , أن نمو المستعمرات في السنوات الأخيرة (فترة حكومة اولمرت)، لم يشهد له مثيل في عهد كل حكومات الصهيونية ، وشملت نشر عطاءات لبناء ألاف الوحدات الاستيطانية في كل سنة , وقالت "يديعوت" أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية ارتفع , في عهد حكومة ايهود اولمرت من 250 ألفاً , وكاد يتجاوز 300 ألف , ومع ذلك استمرت المفاوضات بين رئيس طاقم المفاوضات أبو علاء قريع , ووزيرة الخارجية الصهيونية السابقة تسيفى ليفني , لأكثر من 50 جولة ولم يتجرأ المفاوض الفلسطيني عن التهديد بوقف المفاوضات , إذ استمر الاستيطان الذي كان يتسارع في فترة حكومة أولمرت.

أمام خطاب نتانياهو وتحديد معالم سياسة حكومة وإستراتيجيتها , في التعامل مع القضية الفلسطينية والقائمة على التنكر للحقوق والثوابت ,فأن على المجموع الفلسطيني مراجعة المشهد بعمق ,والخروج بموقف موحد قائم على تبني الخيارات الجماهيرية بالدفاع عن الحقوق والثوابت الفلسطينية , والعمل على الوقف الفوري للمفاوضات مع الكيان الصهيوني, وإعلان المقاومة بمختلف وسائلها وأساليبها في مواجهة المشروع الصهيوني , وكما يقع على سلطة رام الله رفع قبضتها وآلة قمعها عن المقاومين , والإفراج عن المعتقلين السياسيين , والعودة إلى حكومة الوحدة الوطنية للتمترس خلف الحقوق الوطنية , والدفاع عنها في ظل التعنت الصهيوني الذي بلغ ذروته في خطاب نتانياهو.