- ????زائر
رد: لكل قول حقيقة ...
الثلاثاء 16 نوفمبر 2010, 8:36 am
وقوله تعالى : ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) النور
سلمت يداك اخي الكريم وبارك بك
تقبل مروري
سلمت يداك اخي الكريم وبارك بك
تقبل مروري
- *الأعصار الصامت*المدير العام
- الجنس : عدد المساهمات : 4286
تاريخ التسجيل : 14/02/2009
العمر : 47
الموقع : سمو المشاعر الايمانية اللايت سي..الشبكة الاسلامية
العمل/الترفيه : في مجال البناء
المزاج : حازم
تعاليق : ظَمَأُ الكَواسِرِ ِ يًروِيهِ دَمٌ...يرَاقُ من ذَلِيلِ قُطعَان ِ...
وَتَأنَفُ السِّباعُ أَكلَ جِيَف ٍ....تُلقَى بِدَربٍ بعد نُحرانِ ِ..
وَتَرفَعُ تَحِيَّةً وهي تُمَزِّقُ...مَن خَاضَ الغِمارَ كَشُجعَان ِ..
فَالأُسدُ شِيمَتُهَا رِفعَة ً تُتَوِّجُهَا...رُسُوخُ الهَام ِ بِمَيدَان ِ..
لكل قول حقيقة ...
الثلاثاء 03 نوفمبر 2009, 9:10 am
الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد :
فمن السهل أن يتحدث المرء بما يريد ، بل لن يجد الإنسان أي صعوبة في نشر الاتهامات وتوزيع الألقاب على الآخرين ، وكذلك من السهل تغيير الحقائق وقلب الأمور بحيث يصبح الصادق كاذباً ، والكاذب صادقاً ، والأمين خائناً ، والخائن أميناً ، وتغيير الحقائق سياسة جديدة قديمة ، قد أشار إليها القرآن الكريم فعلى سبيل المثال قوله تعالى عن فرعون عليه من الله ما يستحق : (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) غافر
وهذه الآية الكريمة تضمنت أموراً عدة :
1 : اعتذار : ففرعون لا يريد أن يفعل أي فعل من تلقاء نفسه ، فهو يريد موافقة قومه وإذنهم رغم أنه المتفرد بالقرار السائل الذي لا يسأل ، فهو يستأذن قومه بقتل موسى،ولو أقبل على قتل موسى دون أن يستأذن قومه لما واجه أي اعتراض ، فقومه قد أذعنوا له بالطاعة والانقياد وأقروا له بالربوبية وهم على علم ويقين بأن ذلك ضلال محض وباطل لا حقيقة له قال تعالى حاكياً عنهم : (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14) النمل
ولكنها الأهواء التي تجعل من أصحابها ذيولاً لا عقول لهم ، ولا إرادة ،تقلّبهم المصالح في دياجير الباطل والظلم والاستبداد دون أدنى تفكر أو اعتبار ، ومع هذا يستأذن فرعون قومه ليجعل من نفسه الحاكم الأمين الذي لا يخطو أي خطوة إلا بموافقة قومه ومباركتهم ، فهم رأس ماله إذ لا وجود له إلا بهم ، وهكذا تنبني حياة الكذب والأباطيل بين الراعي والرعية ، فالراعي يعلم حقيقة نفسه ، وكذلك الرعية يعرفون ذلك جيداً .
2 : تحدي : وذلك في قوله : ( وليدع ربه ) . فقد جاء هذا القول بعيد قوله لقومه ذروني اقتل موسى ، فهو يريد قتل موسى بلهجة المتحدي الذي لا يخاف عواقب الأمور ،فلسان حاله يؤكد لسان قاله ، فقد أنكر فرعون رسالة موسى نافياً أن يكون للناس إله غيره ،إذن فمن الطبيعي أن يظهر فرعون الثقة بنفسه وبموقفه أمام قومه ،وإن كان قومه عالمين بكذبه وافترائه .
3 : تعليل: ففرعون لا يريد أن يقتل موسى ظلماً وعدواناً بزعمه بل يريد قتل موسى شفقة بقومه وإرادة للإصلاح وقطع دابر الفساد ،فهو يقبل على هذا الأمر الصعب خوفاً من أن يبدل موسى معتقد قومه ، أو أن يظهر في الأرض الفساد ، إذن فهو درءاً للفتنة يريد قتل موسى عليه السلام متحدياً بذلك رب موسى سبحانه جل في علاه .
والمتأمل في هذا النص القرآني يدرك سفاهة فرعون وكذبه وخداعه ، فأي فساد يخافه فرعون على قومه ، وأي دين هذا الذي يخشى فرعون على تبديله ، أما دين فرعون فهو معروف قال تعالى : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) القصص
ففرعون لا يرى لقومه إلهاً غيره ، فهو في زعمه المعبود المطاع ، وخلا ذلك كفر وضلال .
وأما الصلاح الذي يراه ويخاف من تغييره فهو ما قاله الله سبحانه عنه : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) القصص
وما يفعله فرعون قمة الفساد ، إلا أن هذا الفساد بنظر فرعون إصلاح ،ودونه فساد يخشى على قومه منه ، والشاهد في المسألة أن فرعون استطاع الحكم على موسى كليم الله سبحانه بالفساد ، وأنه يعمل كل ما بوسعه من أجل التخلص من موسى عليه السلام للقضاء على مظاهر الفساد جميعها ، وما يفعله فرعون لعنه الله تعالى في رأيه إصلاحاً ورشاداً ، قال تعالى حاكياً عن فرعون في مخاطبته لقومه : (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) غافر
فسبيل الرشاد في نظر فرعون ، محاربة دين الله سبحانه ، وقتل رسله وأوليائه ،وإشاعة الفساد في الأرض وغير ذلك من الجرائم البشعة .
وإدعاء الأمور من غير أدلة سياسة فرعونية متكررة واجهها كل الأنبياء والدعاة إلى الله سبحانه ، ولا أدل على ذلك من موقف قريش وغيرهم من الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ، فقد إُتهم صلى الله عليه وسلم بتهم كثيرة منها ( الجنون ) قال تعالى : (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)القلم
ومنها (التلقي عن الأعداء والمغرضين ) قال تعالى : (ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ (14) الدخان
فالرسول صلى الله عليه وسلم في نظر قومه متهم مجروح ، يعمل على نشر الفساد في الأرض ، ويرجعون ذلك إلى أسباب كثيرة منها ما ذكر ( الجنون والتلقي عن الأعداء ، والكهانة ، والسحر ) وغيرها من التهم الباطلة التي يعرفون هم بطلانها كما قال تعالى مبيناً حقيقتهم : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (33) الأنعام
إذن فليس الأمر راجعاً بالنسبة للكافرين إلى إحقاق حق وإبطال باطل ، بل إلى إتباع هوى ، فما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم مخالف لأهوائهم غير محقق لمصالحهم لذا خرجوا على الرسول صلى الله عليه وسلم بكل الأباطيل التي يعرفونها دفاعاً عن أهوائهم ومصالحهم ، فلو كانوا صادقين بما يفعلونه ضد الرسول صلى الله عليه وسلم لكفاهم أن يأتوا بأدلة على زعمهم كما قال تعالى : ( فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (157) الصافات
فعدول الكافرين عن الإتيان بأدلة واضحة ونهج كل طريق مستطاع كإنفاق أموالهم ، وتعريض أنفسهم للهلاك في سبيل صد الرسول صلى الله عليه وسلم عن دعوته ، لدليل واضح على عجزهم عن الإتيان ببينة تدل على صدقهم وصحة مواقفهم .
وهذا ما يقال للكافرين اليوم : هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ، ولكن حديثنا ليس متوجهاً إلى الكافرين الذين يعملون على تشويه صورة الإسلام ، فهذا ديدنهم وهذا حالهم لا يخفى على أي مسلم ، ولكن حديثنا ومع الأسف متوجه إلى أولئك الذين يلبسون لباس الحق ، ويدعون أنهم أهل حق ودعوة صدق ، ويطلقون لألسنتهم العنان في تشويه صورة المخالفين لهم ، واتهامهم بكل تهمة دون دليل أو برهان اللهم إلا حدثنا ثقة ؟ ...
فنقول لهؤلاء جميعاً : إن سياسة توزيع الاتهامات على المخالفين لكم من غير برهان ، لهي سياسة فرعونية واجهها جميع الأنبياء والدعاة إلى الله سبحانه ، فمجرد الاتهام لا يعتبر شيئاً ، بل هو صفة ضعف وعجز ، فلو كان المتهم صاحب دليل لأتى بدليله وأراح نفسه من عناء التناقضات والتحذير والتشويه ، بل كان يكفيه أن يظهر البينة وعندها سيرى الناس بينته ويأخذون برأيه دون أن يتكلم بكلمة واحدة ، وهذا واضح للغاية ، أما أن يتعب نفسه من أجل تحذير الناس من زيد وعمرو لمجرد مخالفة زيد وعمرو له فهذا دليل إتباعه لهواه ونصرته لمذهبه أو حزبه دون تبصر أو هدى .
فمن السهل أن أقول هذا رجل مدعوم ، أو هذا عميل للجهة الفلانية ، أو هذا جاهل لا يفقه شيئاً ، أو ... أو ، ولكن الصعب أن آتي ببينة تدل على صدق قولي وعدم تعصبي لحزب ، أو إتباعي لهوى ، ومن ناحية ثانية ، فإن العدول عن الرد العلمي المبني على دليل واضح إلى الاتهام والتشكيك دليل على العجز والتجرد من الدليل والبينة ، وهذا عين ما وقع فيه الكافرون أعداء الرسل والدعاة وقد قدمنا أمثلة على ذلك .
بل أقول لهؤلاء المتهمين للناس من غير بينة : أنتم أحق الناس بما ترمون الناس به وأهل له ، وليس هذا قولا مفترى بل هو حق ونور وعندنا عليه برهان من الله سبحانه ، والأدلة على ذلك من وجوه:
1 : عموم الأدلة ، فالكافرون كانوا يعملون على هدم المصالح العامة المخالفة لأهوائهم تحت ذريعة الإصلاح والإحسان ، وكان واضحاً وضوح الشمس أن ما يرمي به الكافرون المؤمنين ، هو عين ما يقعون فيه ، وبلا شك فإن الذين يرمون الناس من غير بينة إنما حملهم على ذلك ما حمل الكافرين ، فالعلة واحدة ، والصورة هي الصورة .
2 : إن المؤمن شديد التوقي والحرص على عدم مخالفة الحق ، فهو منضبط بالضوابط الشرعية ، وما يحمله على ذلك خشية الله سبحانه ، وقد عظم الله سبحانه مسألة التقول على عباد الله من غير بينة أو دليل ، قال سبحانه : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (58) الأحزاب
وفي الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ اَسْكَنَهُ اللَّهُ ردغة الخبال حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ) . رواه الإمام أحمد في مسنده ، ومن يسمع هذه النصوص ويوقن بها ثم يتجرأ بعد ذلك على رمي الناس من غير بينة لدليل على عدم صدقه وإيمانه ، وعليه يكون أهلاً لما يرمي به الغير .
3 : إن رمي المؤمنين بغير بينة لمجرد مخالفة فكر أو نهج ما ، إتباع للظن المتمخض عن إتباع الهوى ، وقد وصف الله سبحانه أتباع الظن بأنهم اتباع كذب والهوى ، قال تعالى : (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (116) الأنعام
وقال سبحانه : ( قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ (148 الأنعام
فاتباع الظن تخرص وكذب ، وإلا فمن يتهم الآخرين لا يخرج عن حالتين ، الأولى : أن يكون صاحب بينة ودليل . الثانية : صاحب ظن وهوى ، فإن فقد الدليل الصريح الصحيح ، فهو صاحب هوى ، وقد دلت النصوص بشكل واضح وقاطع على كذب أصحاب الظن اتباع الهوى .
4 : وكذلك فإن اتهام المؤمنين من غير بينة ،مخالفة صريحة للرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (البينةُ على المدّعي، واليمين على من أنكر ). فأي إدعاء يقع على أي إنسان لا بد وأن تقوم عليه بينة ، فإن الإسلام شدد في حقوق المسلمين وجعل ذلك من الضرورات فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبة الوداع في اليوم المشهود : (أيها الناس اسمعوا قولي ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا ، أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا ، وكحرمة شهركم هذا ، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ) . فأعراض المسلمين مصونة لا يجوز لأي امرئ أن ينتهكها ، أو يشهر بها ، فكيف إذا كان انتهاك عرض المسلم والتشهير به عن غير بينة ؟ فمن خالف ذلك الأمر يكون مخالفاً للرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن الطبيعي أنه لا يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم في مثل هذه المسألة العظيمة التي تقوم عليها مصالح العباد وحفظ أعراضهم إلا متهم مجروح .
5 : وكذلك فإن اتهام المسلمين من غير بينة ، وسبهم وتجهيلهم وتحقيرهم والإعراض عن مقارعة الحجة بالحجة ، لهو دليل العجز والضعف وقلة العلم ، وإلا ما الفائدة وراء إطلاق التهم المتعددة على العباد ـ كجاهل ، عميل ، حاقد ـ وغيرها من غير الإتيان بدليل ؟ بل لماذا يلجأ المرء إلى مثل هذه التهم وعنده البينة ؟ وقد وضحنا فيما مضى من القول : إن اتهام الناس وتوزيع الألقاب عليهم من غير بينة ، هو سياسة ماكرة يستعملها الكافرون للصد عن سبيل الله سبحانه لعدم استطاعتهم الإتيان ببينة تدل على صدق مزاعمهم ، وهذا هو حال المسلمين الذين يصدرون الاتهامات على عباد الله من غير بينة اللهم إلا أنهم يخالفونهم الرأي ، أو يردون على بعض شبهاتهم . وهذه القضية مبنية على أكذوبة أننا أصحاب دعوة حق ، ومن يخالفنا يكون مخالفاً للحق ،وكل مخالف للحق متهم مجروح ، نعم هذا هو دليلهم ، وهذه هي مرجعيتهم ، فلو أنهم أقاموا ولاءهم وبراءهم على قاعدة قولنا صواب يحتمل الخطأ ، وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب ، لعلموا يقيناً أنهم لا يمثلون الحق ، ولا ينحصر الحق في دعوتهم ، بل قد يكون الحق مع غيرهم ، وعليه لا ينظرون إلى مخالفيهم على أنهم حجر عثرة أمام العمل الإسلامي ، وأنهم يهدمون ما يبنون ، وأن من رد عليهم يعتبر مخالفاً للحق حاقداً على أتباعه ، ولكنها للأسف التربية الحزبية السخيفة التي تربي أبناءها على تقديس الأشخاص واستلهام الحق من أفواههم وأعمالهم ، وأن كل من يخالفهم فهو مخالف للحق معاد له ، لا بد من استباحة عرضه دون أدنى ورع .
ويا ليت المسألة وصلت إلى هذا الحد ، بل تعدته إلى ما هو أعظم منه ، تعدت إلى الحكم على بواطن العباد والشق عن قلوبهم ، فإنك ترى الرجل يعتاد المساجد ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ولا يقع في فاحشة ، ولا ... ولا ... إلى غيره ، ومع ذلك يتهم بنفسه ، كأن يقال :هذا منافق ، أو هذا حاقد ، فسبحان الله إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكشف عن المنافقين الخلص الذين علم نفاقهم بالوحي رغم الأخطار التي تصيب الأمة منهم ،ولم يأمر المسلمين باتهامهم ، فكيف بمن حُكم بنفاقه لمجرد أنه مخالف للحزب الفلاني أو منتقد له ؟؟؟؟
فسبحان الله ، كيف يعتبر أولئك أنفسهم أنهم أصحاب دعوة حق ، وموقف صدق ، رغم ما فيهم من المخالفات الواضحات للآيات المحكمات ، وما عليه أهل السنة والجماعة ؟
أخي المسلم : إذا كان اتهام أي مسلم كبيرة من الكبائر ، فكيف بأن يكون المسلم المتهم عالماً أو داعياً قد وقف نفسه لنصرة هذا الدين ؟ كيف بأن يكون المتهم مربياً لأجيال ، أو هدّاماً لأفكار الكفر ،مبيناً حقيقة الكافرين ؟؟وذنبه أنه غير موافق للحزب ، أو منتقد له مبيناً أخطاءه ، ولو يعلم هؤلاء عظمة ما يقترفونه من آثام لأقلعوا عن هذا الذنب العظيم الذي تبرأ صلى الله عليه وسلم من أصحابه كما جاء في الحديث الصحيح : (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ومن لم يعرف لعالمنا حقه ) . رواه الترمذي عن أنس رضي الله تعالى عنه .
فانظر أخي الحبيب كيف يتبرأ الرسول صلى الله عليه سلم من الذين لا يعرفون للعلماء حقوقهم ، فكيف بمن يتهجم عليهم أو يتهمهم ؟ إنها والله مسألة عظيمة لا يقع فيها إلا أصحاب الهوى ضعاف الإيمان أتباع الرجال نسأل الله العافية .
واعلم أيضاً أخي الحبيب ، أن العالم لا يجوز تتبع زلاته أو إظهارها أو التحدث بها إلا أن تكون حداً من حدود الله سبحانه لما جاء في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود) . أخرجه أبو داود وأحمد.
وهذا حديث صريح الدلالة بعدم جواز انتهاك حرمة العلماء وتتبع عثراتهم ، وأنه يعفى عن زلاتهم إلا أن تكون حداً من حدود الله سبحانه ، فانظر يرحمك الله إلى ما يقع فيه المتحزبون اليوم واحكم عليه من خلال المقاييس الشرعية وانظر ماذا ترى ؟
شبة والرد عليها :
أخي الحبيب : يحسن في هذا المقام أن أورد شبهة من شبهات المنتهكين لأعراض العلماء بسبب مخالفتهم وانتقادهم لهم من خلال ما يدل عليه لسان حالهم .
وتكمن هذه الشبهة بجواز الكذب على الآخرين بغية تسويق الفكر أو الدفاع عنه ، وهذه المسألة ترجع إلى ما ذكرت من كون هؤلاء يعتبرون أنفسهم على حق ، وأن من ينتقدهم يعتبر منتقداً للحق وعليه يجوز فضحه حتى بما ليس فيه بناء على جواز الكذب للمصلحة العامة .
والرد على هذه الشبهة واضح ويتلخص في وجهين :
الأول :
1 : إن الكذب الجائزلا يسار إليه إلا في حال انعدام الصدق ، وسد الطرق كلها إلى الحل ، أما إن كان هنالك طريق يوصلنا إلى الحل ، فالكذب في هذه الحالة لا يجوز .
2 : إن الكذب الجائز ، هو الكذب الذي يؤدي إلى إصلاح ذات البين ، لا الكذب الذي يؤدي إلى الفساد وتشويه العباد ، كما هو الحال في هذه المسألة .
3 : إن الكذب الجائز ، هو الكذب الذي يصب في مصلحة المسلمين ، لا الكذب الذي يصب في مصلحة حزب أو جماعة أو شيخ وما إلى ذلك ، فهذا قياس مع الفارق .
الثاني : إن دعوة الأنبياء ما قامت على الكذب والخداع والتلبيس ، بل قامت على الآيات القاطعة والبراهين الواضحة ، والحجج الدامغة ، قال تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) الحديد
وهذه الآية الكريمة تدل على حقائق عدة :
1 : أن الله سبحانه عزز الرسل بالبينات ، أي بالدلائل الواضحات المادية والمعنوية ، فلم يرسل الله سبحانه الأنبياء بالإغراءات المادية ، أو بالحديد والنار ، والبينة تدل على الصدق والحقائق والبراهين والقوة ، وهذا خلاف ما يدل عليه الكذب وتغيير الحقائق .
2 : أن الله سبحانه أرسل الرسل ليقوم الناس بالقسط ، أي بالعدل وهذا ما أمر المؤمنين به إذ قال سبحانه : ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً (58) النساء
والعدل نقيض الظلم ، وهو يقتضي الصدق والحق ، لا الكذب والافتراءات ، وهذا خلاف ما عليه القوم ، إذ يرى هؤلاء أن الكذب وظلم العباد من أجل تحقيق مصالحهم أسلوباً شرعياً وهذا كما قلت قياس مع الفارق .
3 : بينت الآية الكريمة أن الذين يتبعون الحق وينصرونه ، هم الذين يلتزمون بأحكام هذه الآية إذ قال تعالى : ( وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ) . أي أرسل الله سبحانه رسله بالبينات وأمر الناس بالعدل ليعلم من يتبع الحق ممن يعرض عنه .
وبهذا أخي الحبيب تعلم أن ما يتبعه هؤلاء في نهجهم يعارض بوضوح المنهج الحق ، وعليه فإن كل كلمة تصدر بحق أي إنسان لا بد وأن تكون قائمة على دليل حقيقي لنا فيه من الله برهان ، أما الخروج على عباد الله دون تثبت أو دليل لهو إتباع للظن الذي لا يغني من الحق شيئاً ، ودليل واضح على ضعف وعجز أصحابه نسأل الله العفو والعافية .
كلمة أخيرة :
وأخيراً أذكر أولئك الذين يطعنون بالناس دون تثبت بقوله تعالى : (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق
وقوله تعالى : ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) النور
وقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (58) النور
وقد جاء في حديث معاذ رضي الله تعالى عنه : ( أويأخذ بما يقولون ؟ قال : ثكلتك أمك ، وهل يكب الناس على وجوههم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم ) .
وبهذا أخي الحبيب تعلم خطورة الأمر وأنك مسؤول عنه يوم القيامة ، نسأل الله لنا ولك ولجميع المسلمين العفو والعافية إنه سميع مجيب
وكتب : إبراهيم بن عبد العزيز بركات
فمن السهل أن يتحدث المرء بما يريد ، بل لن يجد الإنسان أي صعوبة في نشر الاتهامات وتوزيع الألقاب على الآخرين ، وكذلك من السهل تغيير الحقائق وقلب الأمور بحيث يصبح الصادق كاذباً ، والكاذب صادقاً ، والأمين خائناً ، والخائن أميناً ، وتغيير الحقائق سياسة جديدة قديمة ، قد أشار إليها القرآن الكريم فعلى سبيل المثال قوله تعالى عن فرعون عليه من الله ما يستحق : (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26) غافر
وهذه الآية الكريمة تضمنت أموراً عدة :
1 : اعتذار : ففرعون لا يريد أن يفعل أي فعل من تلقاء نفسه ، فهو يريد موافقة قومه وإذنهم رغم أنه المتفرد بالقرار السائل الذي لا يسأل ، فهو يستأذن قومه بقتل موسى،ولو أقبل على قتل موسى دون أن يستأذن قومه لما واجه أي اعتراض ، فقومه قد أذعنوا له بالطاعة والانقياد وأقروا له بالربوبية وهم على علم ويقين بأن ذلك ضلال محض وباطل لا حقيقة له قال تعالى حاكياً عنهم : (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14) النمل
ولكنها الأهواء التي تجعل من أصحابها ذيولاً لا عقول لهم ، ولا إرادة ،تقلّبهم المصالح في دياجير الباطل والظلم والاستبداد دون أدنى تفكر أو اعتبار ، ومع هذا يستأذن فرعون قومه ليجعل من نفسه الحاكم الأمين الذي لا يخطو أي خطوة إلا بموافقة قومه ومباركتهم ، فهم رأس ماله إذ لا وجود له إلا بهم ، وهكذا تنبني حياة الكذب والأباطيل بين الراعي والرعية ، فالراعي يعلم حقيقة نفسه ، وكذلك الرعية يعرفون ذلك جيداً .
2 : تحدي : وذلك في قوله : ( وليدع ربه ) . فقد جاء هذا القول بعيد قوله لقومه ذروني اقتل موسى ، فهو يريد قتل موسى بلهجة المتحدي الذي لا يخاف عواقب الأمور ،فلسان حاله يؤكد لسان قاله ، فقد أنكر فرعون رسالة موسى نافياً أن يكون للناس إله غيره ،إذن فمن الطبيعي أن يظهر فرعون الثقة بنفسه وبموقفه أمام قومه ،وإن كان قومه عالمين بكذبه وافترائه .
3 : تعليل: ففرعون لا يريد أن يقتل موسى ظلماً وعدواناً بزعمه بل يريد قتل موسى شفقة بقومه وإرادة للإصلاح وقطع دابر الفساد ،فهو يقبل على هذا الأمر الصعب خوفاً من أن يبدل موسى معتقد قومه ، أو أن يظهر في الأرض الفساد ، إذن فهو درءاً للفتنة يريد قتل موسى عليه السلام متحدياً بذلك رب موسى سبحانه جل في علاه .
والمتأمل في هذا النص القرآني يدرك سفاهة فرعون وكذبه وخداعه ، فأي فساد يخافه فرعون على قومه ، وأي دين هذا الذي يخشى فرعون على تبديله ، أما دين فرعون فهو معروف قال تعالى : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38) القصص
ففرعون لا يرى لقومه إلهاً غيره ، فهو في زعمه المعبود المطاع ، وخلا ذلك كفر وضلال .
وأما الصلاح الذي يراه ويخاف من تغييره فهو ما قاله الله سبحانه عنه : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) القصص
وما يفعله فرعون قمة الفساد ، إلا أن هذا الفساد بنظر فرعون إصلاح ،ودونه فساد يخشى على قومه منه ، والشاهد في المسألة أن فرعون استطاع الحكم على موسى كليم الله سبحانه بالفساد ، وأنه يعمل كل ما بوسعه من أجل التخلص من موسى عليه السلام للقضاء على مظاهر الفساد جميعها ، وما يفعله فرعون لعنه الله تعالى في رأيه إصلاحاً ورشاداً ، قال تعالى حاكياً عن فرعون في مخاطبته لقومه : (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) غافر
فسبيل الرشاد في نظر فرعون ، محاربة دين الله سبحانه ، وقتل رسله وأوليائه ،وإشاعة الفساد في الأرض وغير ذلك من الجرائم البشعة .
وإدعاء الأمور من غير أدلة سياسة فرعونية متكررة واجهها كل الأنبياء والدعاة إلى الله سبحانه ، ولا أدل على ذلك من موقف قريش وغيرهم من الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق ، فقد إُتهم صلى الله عليه وسلم بتهم كثيرة منها ( الجنون ) قال تعالى : (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)القلم
ومنها (التلقي عن الأعداء والمغرضين ) قال تعالى : (ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ (14) الدخان
فالرسول صلى الله عليه وسلم في نظر قومه متهم مجروح ، يعمل على نشر الفساد في الأرض ، ويرجعون ذلك إلى أسباب كثيرة منها ما ذكر ( الجنون والتلقي عن الأعداء ، والكهانة ، والسحر ) وغيرها من التهم الباطلة التي يعرفون هم بطلانها كما قال تعالى مبيناً حقيقتهم : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (33) الأنعام
إذن فليس الأمر راجعاً بالنسبة للكافرين إلى إحقاق حق وإبطال باطل ، بل إلى إتباع هوى ، فما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم مخالف لأهوائهم غير محقق لمصالحهم لذا خرجوا على الرسول صلى الله عليه وسلم بكل الأباطيل التي يعرفونها دفاعاً عن أهوائهم ومصالحهم ، فلو كانوا صادقين بما يفعلونه ضد الرسول صلى الله عليه وسلم لكفاهم أن يأتوا بأدلة على زعمهم كما قال تعالى : ( فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (157) الصافات
فعدول الكافرين عن الإتيان بأدلة واضحة ونهج كل طريق مستطاع كإنفاق أموالهم ، وتعريض أنفسهم للهلاك في سبيل صد الرسول صلى الله عليه وسلم عن دعوته ، لدليل واضح على عجزهم عن الإتيان ببينة تدل على صدقهم وصحة مواقفهم .
وهذا ما يقال للكافرين اليوم : هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ، ولكن حديثنا ليس متوجهاً إلى الكافرين الذين يعملون على تشويه صورة الإسلام ، فهذا ديدنهم وهذا حالهم لا يخفى على أي مسلم ، ولكن حديثنا ومع الأسف متوجه إلى أولئك الذين يلبسون لباس الحق ، ويدعون أنهم أهل حق ودعوة صدق ، ويطلقون لألسنتهم العنان في تشويه صورة المخالفين لهم ، واتهامهم بكل تهمة دون دليل أو برهان اللهم إلا حدثنا ثقة ؟ ...
فنقول لهؤلاء جميعاً : إن سياسة توزيع الاتهامات على المخالفين لكم من غير برهان ، لهي سياسة فرعونية واجهها جميع الأنبياء والدعاة إلى الله سبحانه ، فمجرد الاتهام لا يعتبر شيئاً ، بل هو صفة ضعف وعجز ، فلو كان المتهم صاحب دليل لأتى بدليله وأراح نفسه من عناء التناقضات والتحذير والتشويه ، بل كان يكفيه أن يظهر البينة وعندها سيرى الناس بينته ويأخذون برأيه دون أن يتكلم بكلمة واحدة ، وهذا واضح للغاية ، أما أن يتعب نفسه من أجل تحذير الناس من زيد وعمرو لمجرد مخالفة زيد وعمرو له فهذا دليل إتباعه لهواه ونصرته لمذهبه أو حزبه دون تبصر أو هدى .
فمن السهل أن أقول هذا رجل مدعوم ، أو هذا عميل للجهة الفلانية ، أو هذا جاهل لا يفقه شيئاً ، أو ... أو ، ولكن الصعب أن آتي ببينة تدل على صدق قولي وعدم تعصبي لحزب ، أو إتباعي لهوى ، ومن ناحية ثانية ، فإن العدول عن الرد العلمي المبني على دليل واضح إلى الاتهام والتشكيك دليل على العجز والتجرد من الدليل والبينة ، وهذا عين ما وقع فيه الكافرون أعداء الرسل والدعاة وقد قدمنا أمثلة على ذلك .
بل أقول لهؤلاء المتهمين للناس من غير بينة : أنتم أحق الناس بما ترمون الناس به وأهل له ، وليس هذا قولا مفترى بل هو حق ونور وعندنا عليه برهان من الله سبحانه ، والأدلة على ذلك من وجوه:
1 : عموم الأدلة ، فالكافرون كانوا يعملون على هدم المصالح العامة المخالفة لأهوائهم تحت ذريعة الإصلاح والإحسان ، وكان واضحاً وضوح الشمس أن ما يرمي به الكافرون المؤمنين ، هو عين ما يقعون فيه ، وبلا شك فإن الذين يرمون الناس من غير بينة إنما حملهم على ذلك ما حمل الكافرين ، فالعلة واحدة ، والصورة هي الصورة .
2 : إن المؤمن شديد التوقي والحرص على عدم مخالفة الحق ، فهو منضبط بالضوابط الشرعية ، وما يحمله على ذلك خشية الله سبحانه ، وقد عظم الله سبحانه مسألة التقول على عباد الله من غير بينة أو دليل ، قال سبحانه : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (58) الأحزاب
وفي الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ اَسْكَنَهُ اللَّهُ ردغة الخبال حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ) . رواه الإمام أحمد في مسنده ، ومن يسمع هذه النصوص ويوقن بها ثم يتجرأ بعد ذلك على رمي الناس من غير بينة لدليل على عدم صدقه وإيمانه ، وعليه يكون أهلاً لما يرمي به الغير .
3 : إن رمي المؤمنين بغير بينة لمجرد مخالفة فكر أو نهج ما ، إتباع للظن المتمخض عن إتباع الهوى ، وقد وصف الله سبحانه أتباع الظن بأنهم اتباع كذب والهوى ، قال تعالى : (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (116) الأنعام
وقال سبحانه : ( قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ (148 الأنعام
فاتباع الظن تخرص وكذب ، وإلا فمن يتهم الآخرين لا يخرج عن حالتين ، الأولى : أن يكون صاحب بينة ودليل . الثانية : صاحب ظن وهوى ، فإن فقد الدليل الصريح الصحيح ، فهو صاحب هوى ، وقد دلت النصوص بشكل واضح وقاطع على كذب أصحاب الظن اتباع الهوى .
4 : وكذلك فإن اتهام المؤمنين من غير بينة ،مخالفة صريحة للرسول صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (البينةُ على المدّعي، واليمين على من أنكر ). فأي إدعاء يقع على أي إنسان لا بد وأن تقوم عليه بينة ، فإن الإسلام شدد في حقوق المسلمين وجعل ذلك من الضرورات فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبة الوداع في اليوم المشهود : (أيها الناس اسمعوا قولي ، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا ، أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا ، وكحرمة شهركم هذا ، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ) . فأعراض المسلمين مصونة لا يجوز لأي امرئ أن ينتهكها ، أو يشهر بها ، فكيف إذا كان انتهاك عرض المسلم والتشهير به عن غير بينة ؟ فمن خالف ذلك الأمر يكون مخالفاً للرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن الطبيعي أنه لا يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم في مثل هذه المسألة العظيمة التي تقوم عليها مصالح العباد وحفظ أعراضهم إلا متهم مجروح .
5 : وكذلك فإن اتهام المسلمين من غير بينة ، وسبهم وتجهيلهم وتحقيرهم والإعراض عن مقارعة الحجة بالحجة ، لهو دليل العجز والضعف وقلة العلم ، وإلا ما الفائدة وراء إطلاق التهم المتعددة على العباد ـ كجاهل ، عميل ، حاقد ـ وغيرها من غير الإتيان بدليل ؟ بل لماذا يلجأ المرء إلى مثل هذه التهم وعنده البينة ؟ وقد وضحنا فيما مضى من القول : إن اتهام الناس وتوزيع الألقاب عليهم من غير بينة ، هو سياسة ماكرة يستعملها الكافرون للصد عن سبيل الله سبحانه لعدم استطاعتهم الإتيان ببينة تدل على صدق مزاعمهم ، وهذا هو حال المسلمين الذين يصدرون الاتهامات على عباد الله من غير بينة اللهم إلا أنهم يخالفونهم الرأي ، أو يردون على بعض شبهاتهم . وهذه القضية مبنية على أكذوبة أننا أصحاب دعوة حق ، ومن يخالفنا يكون مخالفاً للحق ،وكل مخالف للحق متهم مجروح ، نعم هذا هو دليلهم ، وهذه هي مرجعيتهم ، فلو أنهم أقاموا ولاءهم وبراءهم على قاعدة قولنا صواب يحتمل الخطأ ، وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب ، لعلموا يقيناً أنهم لا يمثلون الحق ، ولا ينحصر الحق في دعوتهم ، بل قد يكون الحق مع غيرهم ، وعليه لا ينظرون إلى مخالفيهم على أنهم حجر عثرة أمام العمل الإسلامي ، وأنهم يهدمون ما يبنون ، وأن من رد عليهم يعتبر مخالفاً للحق حاقداً على أتباعه ، ولكنها للأسف التربية الحزبية السخيفة التي تربي أبناءها على تقديس الأشخاص واستلهام الحق من أفواههم وأعمالهم ، وأن كل من يخالفهم فهو مخالف للحق معاد له ، لا بد من استباحة عرضه دون أدنى ورع .
ويا ليت المسألة وصلت إلى هذا الحد ، بل تعدته إلى ما هو أعظم منه ، تعدت إلى الحكم على بواطن العباد والشق عن قلوبهم ، فإنك ترى الرجل يعتاد المساجد ، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ولا يقع في فاحشة ، ولا ... ولا ... إلى غيره ، ومع ذلك يتهم بنفسه ، كأن يقال :هذا منافق ، أو هذا حاقد ، فسبحان الله إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكشف عن المنافقين الخلص الذين علم نفاقهم بالوحي رغم الأخطار التي تصيب الأمة منهم ،ولم يأمر المسلمين باتهامهم ، فكيف بمن حُكم بنفاقه لمجرد أنه مخالف للحزب الفلاني أو منتقد له ؟؟؟؟
فسبحان الله ، كيف يعتبر أولئك أنفسهم أنهم أصحاب دعوة حق ، وموقف صدق ، رغم ما فيهم من المخالفات الواضحات للآيات المحكمات ، وما عليه أهل السنة والجماعة ؟
أخي المسلم : إذا كان اتهام أي مسلم كبيرة من الكبائر ، فكيف بأن يكون المسلم المتهم عالماً أو داعياً قد وقف نفسه لنصرة هذا الدين ؟ كيف بأن يكون المتهم مربياً لأجيال ، أو هدّاماً لأفكار الكفر ،مبيناً حقيقة الكافرين ؟؟وذنبه أنه غير موافق للحزب ، أو منتقد له مبيناً أخطاءه ، ولو يعلم هؤلاء عظمة ما يقترفونه من آثام لأقلعوا عن هذا الذنب العظيم الذي تبرأ صلى الله عليه وسلم من أصحابه كما جاء في الحديث الصحيح : (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ومن لم يعرف لعالمنا حقه ) . رواه الترمذي عن أنس رضي الله تعالى عنه .
فانظر أخي الحبيب كيف يتبرأ الرسول صلى الله عليه سلم من الذين لا يعرفون للعلماء حقوقهم ، فكيف بمن يتهجم عليهم أو يتهمهم ؟ إنها والله مسألة عظيمة لا يقع فيها إلا أصحاب الهوى ضعاف الإيمان أتباع الرجال نسأل الله العافية .
واعلم أيضاً أخي الحبيب ، أن العالم لا يجوز تتبع زلاته أو إظهارها أو التحدث بها إلا أن تكون حداً من حدود الله سبحانه لما جاء في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود) . أخرجه أبو داود وأحمد.
وهذا حديث صريح الدلالة بعدم جواز انتهاك حرمة العلماء وتتبع عثراتهم ، وأنه يعفى عن زلاتهم إلا أن تكون حداً من حدود الله سبحانه ، فانظر يرحمك الله إلى ما يقع فيه المتحزبون اليوم واحكم عليه من خلال المقاييس الشرعية وانظر ماذا ترى ؟
شبة والرد عليها :
أخي الحبيب : يحسن في هذا المقام أن أورد شبهة من شبهات المنتهكين لأعراض العلماء بسبب مخالفتهم وانتقادهم لهم من خلال ما يدل عليه لسان حالهم .
وتكمن هذه الشبهة بجواز الكذب على الآخرين بغية تسويق الفكر أو الدفاع عنه ، وهذه المسألة ترجع إلى ما ذكرت من كون هؤلاء يعتبرون أنفسهم على حق ، وأن من ينتقدهم يعتبر منتقداً للحق وعليه يجوز فضحه حتى بما ليس فيه بناء على جواز الكذب للمصلحة العامة .
والرد على هذه الشبهة واضح ويتلخص في وجهين :
الأول :
1 : إن الكذب الجائزلا يسار إليه إلا في حال انعدام الصدق ، وسد الطرق كلها إلى الحل ، أما إن كان هنالك طريق يوصلنا إلى الحل ، فالكذب في هذه الحالة لا يجوز .
2 : إن الكذب الجائز ، هو الكذب الذي يؤدي إلى إصلاح ذات البين ، لا الكذب الذي يؤدي إلى الفساد وتشويه العباد ، كما هو الحال في هذه المسألة .
3 : إن الكذب الجائز ، هو الكذب الذي يصب في مصلحة المسلمين ، لا الكذب الذي يصب في مصلحة حزب أو جماعة أو شيخ وما إلى ذلك ، فهذا قياس مع الفارق .
الثاني : إن دعوة الأنبياء ما قامت على الكذب والخداع والتلبيس ، بل قامت على الآيات القاطعة والبراهين الواضحة ، والحجج الدامغة ، قال تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) الحديد
وهذه الآية الكريمة تدل على حقائق عدة :
1 : أن الله سبحانه عزز الرسل بالبينات ، أي بالدلائل الواضحات المادية والمعنوية ، فلم يرسل الله سبحانه الأنبياء بالإغراءات المادية ، أو بالحديد والنار ، والبينة تدل على الصدق والحقائق والبراهين والقوة ، وهذا خلاف ما يدل عليه الكذب وتغيير الحقائق .
2 : أن الله سبحانه أرسل الرسل ليقوم الناس بالقسط ، أي بالعدل وهذا ما أمر المؤمنين به إذ قال سبحانه : ( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً (58) النساء
والعدل نقيض الظلم ، وهو يقتضي الصدق والحق ، لا الكذب والافتراءات ، وهذا خلاف ما عليه القوم ، إذ يرى هؤلاء أن الكذب وظلم العباد من أجل تحقيق مصالحهم أسلوباً شرعياً وهذا كما قلت قياس مع الفارق .
3 : بينت الآية الكريمة أن الذين يتبعون الحق وينصرونه ، هم الذين يلتزمون بأحكام هذه الآية إذ قال تعالى : ( وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ) . أي أرسل الله سبحانه رسله بالبينات وأمر الناس بالعدل ليعلم من يتبع الحق ممن يعرض عنه .
وبهذا أخي الحبيب تعلم أن ما يتبعه هؤلاء في نهجهم يعارض بوضوح المنهج الحق ، وعليه فإن كل كلمة تصدر بحق أي إنسان لا بد وأن تكون قائمة على دليل حقيقي لنا فيه من الله برهان ، أما الخروج على عباد الله دون تثبت أو دليل لهو إتباع للظن الذي لا يغني من الحق شيئاً ، ودليل واضح على ضعف وعجز أصحابه نسأل الله العفو والعافية .
كلمة أخيرة :
وأخيراً أذكر أولئك الذين يطعنون بالناس دون تثبت بقوله تعالى : (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق
وقوله تعالى : ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) النور
وقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (58) النور
وقد جاء في حديث معاذ رضي الله تعالى عنه : ( أويأخذ بما يقولون ؟ قال : ثكلتك أمك ، وهل يكب الناس على وجوههم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم ) .
وبهذا أخي الحبيب تعلم خطورة الأمر وأنك مسؤول عنه يوم القيامة ، نسأل الله لنا ولك ولجميع المسلمين العفو والعافية إنه سميع مجيب
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وكتب : إبراهيم بن عبد العزيز بركات
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى